ولحق بالنبي صلّى الله عليه وسلم؛ فقال الحارث بن كلدة لنافع: أنت ابني فلا تفعل كما فعل هذا.
يريد أبا بكرة؛ فلحق به، فهو ينتسب إلى الحارث بن كلدة.
وكانت البغايا في الجاهلية لهن رايات يعرفن بها وينتحيها الفتيان، وكان أكثر الناس يكرهون إماءهم على البغاء والخروج إلى تلك الرايات؛ يبتغون بذلك عرض «١» الحياة الدنيا، فنهى الله تعالى في كتابه عن ذلك بقوله جل وعز: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ
«٢» يريد في الجاهلية فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
«٣» يريد في الإسلام.
فيقال إن أبا سفيان خرج يوما وهو ثمل إلى تلك الرايات، فقال لصاحبة الراية: هل عندك من بغيّ؟ فقالت: ما عندي إلا سمية. قال: هاتيها على نتن «٤» إبطيها! فوقع بها، فولدت له زيادا على فراش عبيد.
ووجّه عامل من عمال عمر بن الخطاب زيادا إلى عمر بفتح فتحه الله على المسلمين؛ فأمره عمر أن يخطب الناس به على المنبر، فأحسن في خطبته وجوّد، وعند أصل المنبر أبو سفيان بن حرب وعليّ بن أبي طالب، فقال أبو سفيان لعلي: أيعجبك ما سمعت من هذا الفتى؟ قال: نعم. قال: أما إنه ابن عمك! قال: وكيف ذلك؟
قال: أنا قذفته في رحم أمّه سمية. قال: فما يمنعك أن تدّعيه؟ قال: أخشى هذا القاعد على المنبر- يعني عمر بن الخطاب- أن يفسد عليّ إهابي.
فبهذا الخبر استلحق معاوية زيادا وشهد له الشهود بذلك، وهذا خلاف حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قوله:«الولد للفراش وللعاهر الحجر» . «٥»
العتبي عن أبيه قال: لما شهد الشهود لزياد، قام في أعقابهم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: