وبعث زياد إلى رجال من بني تميم ورجال من بني بكر، وقال: دلّوني على صلحاء كل ناحية ومن يطاع فيها، فدلوه فضمّنهم الطريق وحدّ لكل رجل منهم حدّا؛ فكان يقول: لو ضاع حبل بيني وبين خراسان عرفت من آخذ به.
وكان زياد يقول: من سقى صبياّ خمرا حددناه، ومن نقب «١» بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا.
وكان يقول: اثنان لا تقاتلوا فيهما العدوّ: الشتاء، وبطون الأودية.
وأول من جمعت له العراق زياد، ثم ابنه عبيد الله بن زياد؛ لم تجتمع لقرشي قط غيرهما.
وعبيد الله بن زياد أول من جمع له العراق وسجستان وخراسان والبحران وعمان، وإنما كان البحران وعمان إلى عمال أهل الحجاز.
وهو أول من عرف العرفاء «٢» ، ودعا النقباء، ونكّب «٣» المناكب، وحصل الدواوين، ومشي بين يديه بالعمد»
، ووضع الكراسي، وعمل المقصورة، ولبس الزيادي، وربّع الأرباع بالكوفة، وخمّس الأخماس بالبصرة، وأعطى في يوم واحد للمقاتلة والذرية من أهل البصرة والكوفة، وبلغ بالمقاتلة من أهل الكوفة ستين ألفا، ومقاتلة البصرة ثمانين ألفا، والذرية مائة ألف وعشرين ألفا. وضبط زياد وابنه عبيد الله العراق بأهل العراق.
قال عبد الله بن مروان لعباد بن زياد: أين كانت سيرة زياد من سيرة الحجاج؟
قال: يا أمير المؤمنين، إن زيادا قدم العراق وهي جمرة تشتعل فسلّ أحقادهم، وداوى أدواءهم، وضبط أهل العراق بأهل العراق، وقدمها الحجاج؛ فكسر الخراج، وأفسد