بعثني إليك؟ ولا نعلم أحدا يمدّ يده إلى هذا الأمر غير الحسن، وقد بايع معاوية، فخذ لنفسك قبل التّوطين فيستغني عنك معاوية. قال: أشر عليّ وارم الغرض الأقصى، فإن المستشار مؤتمن. قال: أرى أن تصل حبلك بحبله وتسير إليه، وتعير الناس أذنا صماء وعينا عمياء! قال: يا ابن شعبة، لقد قلت قولا لا يكون غرسه في غير منبته، ولا مدرة «١» تغذيه، ولا ماء يسقيه، كما قال زهير:
وهل ينبت الخطّيّ إلا وشيجه ... وتغرس إلا في منابتها النّخل «٢» ؟
ثم قال: أرى ويقضي الله.
وذكر عمر بن عبد العزيز زيادا فقال: سعى لأهل العراق سعى الأمّ البرة، وجمع لهم جمع الذرّة.
وقالوا: الدهاة أربعة: معاوية للرويّة، وعمرو بن العاص للبديهة، والمغيرة للمعضلات، وزياد لكل صغيرة وكبيرة.
ولما قدم زياد العراق قال: من على حرسكم؟ قالوا: بلج. قال: إنما يحترس من مثل بلج فكيف يكون حارسا.
أخذه الشاعر فقال:
وحارس من مثله يحترس
العتبي قال: كان في مجلس زياد مكتوبا: الشدّة في غير عنف، واللين في غير ضعف. المحسن يجازي بإحسانه، والمسيء يعاقب بإساءته. الأعطيات في أيامها. لا احتجاب عن طارق ليل، ولا صاحب ثغر.