للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عضيدة لقد تجاوزت مياها عذبا، أخسفت «١» أم أوشلت؟ قال: لا واحد منها، ولكن نبطا بين الماءين. قال: وكيف يكون قدره؟ قال: مرت بنا رفقة فيها خمسة وعشرون جملا، فرويت الإبل وأهلها. قال: أو للإبل حفرتها؟ إنما حفرتها للناس.

إن الإبل ضمر خسف «٢» ، ما جشّمت تجشّمت.

بعث عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف واليا على العراق، وأمره أن يحشر الناس إلى المهلب في حرب الأزارقة، فلما أتى الكوفة صعد المنبر متلثما متنكبا قوسه، فجلس واضعا إبهامه على فيه، فنظر محمد بن عمير بن عطارد التميمي، فقال:

لعن الله هذا ولعن من أرسله إلينا؛ أرسل غلاما لا يستطيع أن ينطق عيّا، وأخذ حصاة بيده ليحصبه «٣» بها، فقال له جليسه: لا تعجل حتى ننظر ما يصنع. فقام الحجاج فكشف لثامه عن وجهه وقال:

أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني «٤»

صليب العود من سلفي نزار ... كنصل السيف وضّاح الجبين

أخو خمسين مجتمع أشدّي ... ونجّذني مداورة الشّئون «٥»

أما والله إني لا أحمل الشر بثقله، وأحذوه بنعله، وأجزيه بمثله؛ أما والله إني لأرى رءوسا قد أينعت وحان قطافها، وكأني أرى الدماء بين العمائم واللحى تترقوق:

هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم ... قد لفّها الليل بسوّاق حطم «٦»

ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزّار على ظهر وضم»