آل مروان، فأخذت ثقيف فضلا صار لها، لولاهم للقطته السابلة «١» ؛ ولقد كان ما أنكره أمير المؤمنين من تحاملي، وكان ما لو لم يكن لعظم الخطب فوق ما كان؛ وإن أمير المؤمنين لرابع أربعة: أحدهم ابنة شعيب النبي صلّى الله عليه وسلم؛ إذ رمت بالظن غرض اليقين تفرّسا في النجيّ المصطفى بالرسالة، فحقّ لها فيه الرجاء، وزالت شبهة الشك بالاختبار؛ وقبلها العزيز في يوسف؛ ثم الصدّيق في الفاروق، رحمة الله عليهما؛ وأمير المؤمنين في الحجاج. وما حسد الشيطان يا أمير المؤمنين خاملا، ولا شرق «٢» بغير شجى؛ فكم غبطة يا أمير المؤمنين للرجيم أدبر منها وله عواء وقد قلت حيلته، ووهن كيده يوم كيت وكيت؛ ولا أظن أذكر لها من أمير المؤمنين. ولقد سمعت لأمير المؤمنين في صالح- صلوات الله عليه- وفي ثقيف مقالا، هجم بي الرجاء لعذله عليه بالحجة في ردّه، بمحكم التنزيل في لسان ابن عمه خاتم النبيين وسيد المرسلين؛ صلّى الله عليه وسلم. فقد أخبر عن الله عز وجل؛ وحكاية غرّ الملأ من قريش عند الاختيار والافتخار، وقد نفخ الشيطان في مناخرهم، فلم يدعوا خلف ما قصدوا إليه مرمى، فقالوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
«٣» . فوقع اختيارهم- عند المباهاة بنفخة الكفر، وكبر الجاهلية، على الوليد بن المغيرة المخزومي، وأبي مسعود الثقفي؛ فصارا في الافتخار بهما صنوين، ما أنكر اجتماعهما من الأمة منكر في خبر القرآن ومبلّغ الوحي، وإن كان ليقال للوليد في الأمة يومئذ:
ريحانة قريش؛ وما ردّ ذلك العزيز تعالى إلا بالرحمة الشاملة في القسم السابق، فقال عز وجل: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ؟ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
«٤» . وما قدمتني يا أمير المؤمنين ثقيف في الاحتجاج لها، وإن لها مقالا رحبا، ومعاندة قديمة؛ إلا أن هذا من أيسر ما يحتج به العبد المشفق على سيده المغضب، والأمر إلى أمير المؤمنين، عزل أم أقرّ، وكلاهما عدل متبع، وصواب معتقد. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله.