للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكادحا ومؤرّشا «١» ، ليفلّ من عزمه الذي نصبني، ويصيب تأرا لم يزل به موتورا، وذكر قديم ما منى به الأوائل حتى لحقت بمثله منهم وما كنت أبلوه من خسة أقدار، ومزاولة أعمال، إلى أن وصلت ذلك بالتشرّط لروح بن زنباع. وقد علم أمير المؤمنين بفضل ما اختار الله له تبارك وتعالى من العلم المأثور الماضي، بأن الذي غيّر به القوم من مصانعهم من أشد ما كان يزاوله أهل القدمة «٢» الذين اجتبى الله منهم، وقد اعتصموا وامتعضوا من ذكر ما كان، وارتفعوا بما يكون، وما جهل أمير المؤمنين- للبيان موقعه، غير محتج ولا متعدّ- أن متابعة روح بن زنباع طريق الوسيلة لمن أراد من فوقه، وأن روحا لم يلبسني العزم الذي به رفعني أمير المؤمنين عن خوله؛ وقد ألصقتني بروح بن زنباع همة لم تزل نواظرها ترمي بي البعيد، وتطالع الأعلام. وقد أخذت من أمير المؤمنين نصيبا اقتسمه الإشفاق من سخطته والمواظبة على موافقته، فما بقي لنا بعد إلا صبابة إرث، به تجول النفس وتطرف النواظر، ولقد سرت بعين أمير المؤمنين سير المثبّط لمن يتلوه، المتطاول لمن تقدمه، غير مبتّ «٣» موجف، ولا متثاقل مجحف؛ ففتّ الطالب، ولحقت الهارب، حتى سادت السنّة، وبادت البدعة، وخشىء الشيطان، وحملت الأديان إلى الجادة العظمى والطريقة المثلى؛ فها أنا ذا يا أمير المؤمنين، نصب المسألة لمن رامني، وقد عقدت الحبوة «٤» ، وقرنت الوظيفتين لقائل محتج، أو لائم ملتجّ؛ وأمير المؤمنين ولي المظلوم، ومعقل الخائف؛ وستظهر له المحنة نبأ أمري؛ ولكل نبإ مستقر؛ وما حفنت «٥» يا أمير المؤمنين في أوعية ثقيف حتى روي الظمآن، وبطن الغرثان «٦» ، وغصّت الأوعية، وانقدّت «٧» الأوكية «٨» في