العصر، فلما رآني قال: ما احتواك المضجع يا نباتة! فقلت: من خاف من وجه الصباح أدلج «١» . فسلمت وانتبذت عنه فتركني حتى سكن جأشي، ثم قال: مهيم «٢» .
فدفعت إليه الكتاب فقرأه متبسما، فلما مضى فيه ضحك حتى بدت له سنّ سوداء ثم استقصاه فانصرف إليّ فقال: كيف رأيت إشفاقه؟ قال: فقصصت عليه ما رأيت منه فقال: صلوات الله على الصادق الأمين: إن من البيان لسحرا. ثم قذف الكتاب إليّ فقال: اقرأ. فقرأته فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين، المؤيّد بالولاية، المعصوم من خطل القول وزلل الفعل، بكفالة الله الواجبة لذوي أمره؛ من عبد اكتنفته الزّلة «٣» ، ومدّ به الصّغار «٤» إلى وخيم المرتع، ووبيل المكرع «٥» ، من جليل فادح ومعتد قادح؛ والسلام عليك ورحمة الله التي اتسعت فوسعت، وكان بها إلى أهل التقوى عائدا؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، راجيا لعطفك بعطفه.
أما بعد، كان الله لك بالدّعة في دار الزوال، والأمن في دار الزلزال، فإنه من عنيت به فكرتك يا أمير المؤمنين مخصوصا، فما هو إلا سعيد يؤثر، أو شقي يوتر «٦» ؛ وقد حجبني عن نواظر السعد لسان مرصد ونافس حقد، انتهز به الشيطان حين الفكرة، فافتتح به أبواب الوسواس بما تحنق به الصدور؛ فواغوثاه استعاذة بأمير المؤمنين من رجيم إنما سلطانه على الذين يتولونه، واعتصاما بالتوكل على من خصه بما أجزل له من قسم الإيمان وصادق السنة، فقد أراد اللعين أن يفتق لأوليائه فتقا نبا عنه كيده، وكثر عليه تحسره، بلية قرع بها فكر أمير المؤمنين ملبسا