المسلك، وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء! قال: صدق والله، ما برّوا بخروجهم علينا، ولا قووا؛ أطلقوا عنه. فاحتاج إليّ في فريضة بعد ذلك، فأرسل إليّ فقال: ما تقول في أم وأخت وجد؟ فقلت: اختلف فيها خمسة من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم: عبد الله بن مسعود، وعليّ، وعثمان وزيد، وابن عباس. قال: فما قال فيها ابن عباس، إن كان لمنقبا «١» . قلت: جعل الجد أبا ولم يعط الأخت شيئا، وأعطى الأمّ الثلث. قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت جعلها من ستة، فأعطى الجدّ ثلاثة، وأعطى الأمّ اثنين، وأعطى الأخت سهما. قال: فما قال زيد؟ قلت: جعلها من تسعة، فأعطى الأمّ ثلاثة، وأعطى الجدّ أربعة، وأعطى الأخت اثنين؛ فجعل الجد معها أخا. قال: فما قال فيها أمير المؤمنين عثمان؟ قلت: جعلها أثلاثا. قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت: جعلها من ستة، فأعطى الأخت ثلاثة، وأعطى الأم اثنين وأعطى الجد سهما، قال: مر القاضي فليمضها على ما أمضاها أمير المؤمنين.
... فبينما أنا عنده إذ جاءه الحاجب فقال له: إن بالباب رسلا. فقال: إيذن لهم.
قال: فدخلوا، وعمائمهم على أوساطهم، وسيوفهم على عواتقهم، وكتبهم بأيمانهم، وجاء رجل من بني سليم يقال له شبابة بن عاصم، فقال له: من أين؟ قال: من الشام، قال:
كيف تركت أمير المؤمنين؟ وكيف تركت حشمه؟ فأخبره، قال: هل وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابتني فيما بيني وبين الأمير ثلاث سحائب. قال: فانعت لي، كيف كان وقع المطر وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوّارين «٢» ، فوقع قطر صغار وقطر كبار، فكانت الصغار لحمة للكبار؛ ووقع نشيطا ومتداركا، وهو السّيح «٣» الذي سمعت به، فواد سائل، وواد نازح؛ وأرض مقبلة، وأرض مدبرة. وأصابتني سحابة بسراء «٤» فلبّدت الدّماث «٥» ، وأسالت العزاز «٦» ، وأدحضت التلاع، وصدعت