إلى الله وإلى أمير المؤمنين، فتولى من ذلك ما ولاه الله، وعرف من حقنا ما جهلت، وحفظ منا ما ضيّعت؛ وسيحكم في ذلك ربّ هو أرضى للمرضى، وأسخط للمسخط، وأقدر على المغير، في يوم لا يشوب الحقّ عنده الباطل، ولا النور الظلمة، ولا الهدى الضلالة؛ والله لولا أن اليهود أو النصارى رأت من خدم موسى بن عمران أو عيسى ابن مريم يوما واحدا لرأت له ما لم تروا لي في خدمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم عشر سنين.
قال: فاعتذر إليه الحجاج وترضاه حتى قبل عذره ورضي عنه، وكتب برضاه وقبوله عذره، ولم يزل الحجاج له معظّما هائبا له حتى هلك، رضي الله عنه.
وكتب الحجاج إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد: أصلح الله أمير المؤمنين وأبقاه، وسهل حظه وحاطه ولا أعدمناه، فإن إسماعيل بن أبي المهاجر رسول أمير المؤمنين- أعز الله نصره- قدم عليّ بكتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وجعلني من كل مكروه فداءه، يذكر شتيمتي وتوبيخي بآبائي، وتعييري بما كان قبل نزول النعمة بي من عند أمير المؤمنين، أتم الله نعمته عليه، وإحسانه إليه، ويذكر أمير المؤمنين، جعلني الله فداه، استطالة مني على أنس بن مالك خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، جرأة على أمير المؤمنين، وغرة بمعرفة غيره ونقماته وسطواته على من خالف سبيله وعمد إلى غير محبنه ونزل عند سخطته وأمير المؤمنين- أصلحه الله- في قرابته من محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إمام الهدى وخاتم الأنبياء- أحق من أقال عثرتي وعفا عن ذنبي، فأمهلني ولم يعجلني عند هفوتي للذي جبل عليه من كريم طبائعه، وما قلده الله من أمور عباده؛ فرأى أمير المؤمنين- أصلحه الله- في تسكين ورعيّ وإفراح كربتي، فقد ملئت رعبا وفرقا من سطوته، وفجاءة نقمته، وأمير المؤمنين- أقاله «١» الله العثرات،