كبعض غمزات الليوث للثعالب، ولأركضنّك ركضة تدخل منها في وجعاء»
أمك؛ اذكر مكاسب آبائك بالطائف، إذ كانوا ينقلون الحجارة على أكتافهم، ويحفرون الآبار في المناهل بأيديهم؛ فقد نسيت ما كنت عليه أنت وآباؤك من الدناءة واللؤم والضراعة؛ وقد بلغ أمير المؤمنين استطالة منك على أنس بن مالك خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، جرأة منك على أمير المؤمنين، وغرّة بمعرفة غيره ونقماته وسطواته على من خالف سبيله وعمد إلى غير محبته، ونزل عند سخطته، وأظنك أردت أن تروزه «٢» بها لتعلم ما عنده من التغيير والتنكير فيها، فإن سوّغتها مضيت قدما، وإن بغّضتها وليت دبرا. فعليك لعنة الله من عبد أخفس «٣» العينين؛ أصلك «٤» الرجلين؛ ممسوح الجاعرتين «٥» ، وايم الله لو أن أمير المؤمنين علم أنك اجترمت منه جرما وانتهكت له عرضا فيما كتب به إلى أمير المؤمنين، لبعث إليك من يسبحك ظهرا لبطن حتى ينتهي بك إلى أنس بن مالك، فيحكم فيك بما أحب، ولن يخفى على أمير المؤمنين نبؤك «٦» ، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.
قال إسمعيل: فانطلقت إلى أنس فلم أزل به حتى انطلق معي إلى الحجاج؛ فلما دخلنا عليه قال: يغفر الله لك أبا حمزة: عجلت بالأئمة، وأغضبت علينا أمير المؤمنين. ثم أخذ بيده فأجلسه معه على السرير، فقال: أنس: إنك كنت تزعم أنا الأشرار! والله سمّانا الأناصر، وقلت: إنا من أبخل الناس! ونحن الذين قال الله فيهم: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
«٧» وزعمت أنّا أهل نفاق! والله تعالى يقول فينا: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا