والفضل، وأنّا بنو أمّ أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فاطمة بنت عمرو في الجاهلية، وبنو فاطمة ابنته في الإسلام دونكم؛ وإن الله اختارنا واختار لنا، فوالدنا من النبيين أفضلهم. ومن السلف أوّلهم إسلاما عليّ بن أبي طالب، ومن النساء أفضلهنّ خديجة بنت خويلد، أول من صلى إلى القبلة منهنّ، ومن البنات فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ولدت الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنة صلوات الله عليهما؛ وإنّ هاشما ولد عليّا مرتين، وإنّ عبد المطلب ولد حسنا مرتين، وإن النبي صلّى الله عليه وسلم ولدني مرتين، وإني من أوسط «١» بني هاشم نسبا وأشرفهم أبا وأمّا، ولم تعرق «٢» فيّ العجم، ولم تنازع فيّ أمّهات الأولاد؛ فما زال الله بمنّه وفضله يختار لي الأمّهات في الجاهلية والإسلام، حتى اختار لي في النار. فأنا ابن أرفع الناس درجة في الجنة، ومن أهونهم عذابا في النار، وأبي خير أهل الجنة، وأبي خير أهل النار؛ فأنا ابن خير الأخيار وابن خير الأشرار؛ فلك الله إن دخلت في طاعتي، وأحببت دعوتي، أن أؤمّنك على نفسك ومالك ودمك وكلّ أمر أحدثته، إلا حدّا من حدود الله، أو حقّ امريء مسلم أو معاهد؛ فقد علمت ما يلزمك في ذلك؛ وأنا أولى بالأمر منك، وأوفى بالعهد؛ لأنك لا تعطي من العهد أكثر مما أعطيت رجالا قبلي؛ فأيّ الأمانات تعطيني؟ أمان ابن هبيرة؟ أو أمان عمك عبد الله بن علي؟ أو أمان أبي مسلم؟ والسلام.
فكتب إليه أبو جعفر المنصور:
من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حسن: أمّا بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت كلامك؛ فإذا جلّ فخرك بقرابة النساء، لتضلّ به الغوغاء «٣» ، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة والأولياء؛ لأن الله جعل العم أبا، وبدأ به في القرآن على الوالد الأدنى.