للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجنة، فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنهم أفضل منه.

قال: يا إسحاق، أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت:

الإخلاص بالشهادة. قال: أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت: نعم. قال: اقرأ ذلك في كتاب الله تعالى يقول: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ

«١» ، إنما عنى من سبق إلى الإسلام، فهل علمت أحدا سبق عليّا إلى الإسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إن عليا أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرني أيهما أسلم قبل، ثم أناظرك من بعده في الحداثة والكمال. قلت: عليّ أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة. فقال: نعم، فأخبرني عن إسلام عليّ حين أسلم: لا يخلو من أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام، أو يكون إلهاما من الله؟ قال: فأطرقت؛ فقال لي: يا إسحاق؛ لا تقل إلهاما فتقدّمه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ لأنّ رسول الله لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبريل عن الله تعالى.

قلت: أجل، بل دعاه رسول الله إلى الإسلام. قال: يا إسحاق فهل يخلو رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلّف ذلك من نفسه؟

قال: فأطرقت، فقال: يا إسحاق، لا تنسب رسول الله إلى التكلف؛ فإن الله يقول:

وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ

«٢» . قلت: أجل يا أمير المؤمنين، بل دعاه بأمر الله. قال:

فهل من صفة الجبار جل ثناؤه أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت:

أعوذ بالله! فقال: أفتراه في قياس قولك يا إسحاق: «إن عليا أسلم صبيّا لا يجوز عليه الحكم» قد كلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون، فهو يدعوهم الساعة ويرتدّون بعد ساعة، فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء ولا يجوز عليهم حكم الرسول عليه السلام، أترى هذا جائزا عندك أن تنسبه إلى الله عزّ وجلّ؟ قلت: أعوذ بالله! قال: يا إسحاق، فأراك إنما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليّا على هذا الخلق، أبانه بها منهم ليعرف مكانه وفضله، ولو كان