الله تبارك وتعالى أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا؟ قلت: بلى. قال: فهل بلغك أن الرسول صلّى الله عليه وسلم دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته- لئلا تقول إن عليا ابن عمه-؟ قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل. قال: يا إسحاق، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك.
قال: ثم أيّ الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الإسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل الله. قال: صدقت، فهل تجد لأحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما تجد لعلي في الجهاد؟ قلت: في أي وقت؟ قال: في أي الأوقات شئت! قلت: بدر؟ قال: لا أريد غيرها؛ فهل تجد لأحد إلا دون ما تجد لعليّ يوم بدر؟ أخبرني: كم قتلى بدر؟ قلت:
نيف وستون رجلا من المشركين. قال: فكم قتل عليّ وحده؟ قلت: لا أدري.
قال: ثلاثة وعشرين، أو اثنين وعشرين؛ والأربعون لسائر الناس. قلت: يا أمير المؤمنين كان أبو بكر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عريشه «١» . قال: يصنع ماذا؟ قلت:
يدبّر، قال: ويحك! يدبّر دون رسول الله أو معه شريكا، أو افتقارا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى رأيه؟ أي الثلاث أحب إليك؟ قلت: أعوذ بالله أن يدبر أبو بكر دون رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو يكون معه شريكا، أو أن يكون برسول الله صلّى الله عليه وسلم افتقار إلى رأيه.
قال: فما الفضيلة بالعريش إذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول الله أفضل ممن هو جالس؟ قلت: يا أمير المؤمنين، كلّ الجيش كان مجاهدا.
قال: صدقت، كل مجاهد؛ ولكن الضارب بالسيف المحامي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن الجالس، أفضل من الجالس؛ أما قرأت كتاب الله: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى، وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً
«٢» . قلت: وكان أبو بكر وعمر مجاهدين قال:
فهل كان لأبي بكر وعمر فضل على من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت: نعم. قال: