«٢» . أتعلم من المؤمنون الذين أراد الله في هذا الموضوع؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين؛ قال:
الناس جميعا انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا سبعة نفر من بني هاشم: علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شيء، حتى أعطى الله لرسوله الظّفر؛ فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصة، ثم من حضره من بني هاشم، قال: فمن أفضل: من كان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في ذلك الوقت، أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت: بل من أنزلت عليه السكينة.
قال: يا إسحاق، من أفضل: من كان معه في الغار، أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه، حتى تمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما أراد من الهجرة؟ إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليّا بالنوم على فراشه، وأن يقي «٣» رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفسه؛ فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، فبكى عليّ رضي الله عنه؛ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عليّ، أجزعا من الموت؟ قال: لا، والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ولكن خوفا عليك؛ أفتسلم يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: سمعا وطاعة وطيبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله. ثم أتى مضجعه واضطجع، وتسجّى «٤» بثوبه، وجاء المشركون من قريش فحفّوا «٥» به، لا يشكّون أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من بطون قريش رجل ضربة بالسيف، لئلا يطلب الهاشميون من البطون بطنا بدمه؛ وعليّ يسمع ما القوم فيه من إتلاف نفسه، ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار؛ ولم يزل عليّ صابرا محتسبا؛ فبعث الله ملائكته