فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح، فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا: فلا نراك إلا مغرّرا بنفسك منذ ليلتنا، فلم يزل على أفضل ما بدأ به يزيد، ولا ينقص، حتى قبضه الله إليه.
يا إسحاق، هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: اروه، ففعلت قال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن الناس ذكروا أن الحديث إنما كان بسبب زيد بن حارثة لشيء جرى بينه وبين علي، وأنكر ولاء علي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«من كنت مولاه فعليّ مولاه؛ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» . قال: في أي موضع قال هذا، أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت: أجل. قال: فإنّ قتل زيد بن حارثة قبل الغدير؛ كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني: لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة يقول: مولاي مولى ابن عمي، أيها الناس فاعلموا ذلك؛ أكنت منكرا ذلك عليه: تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم، قال: يا إسحاق، أفتنزّه ابنك عما لا تنزه عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ويحكم! لا تجعلوا فقهاءكم أربابكم «١» ؛ إن الله جل ذكره قال في كتابه: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ
«٢» . ولم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنهم أرباب، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم؛ يا إسحاق، أتروي حديث:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده. قال: فمن أوثق عندك: من سمعت منه فصحّحه، أو من جحده؟
قلت: من صحّحه. قال: فهل يمكن أن يكون الرسول صلّى الله عليه وسلم مزح بهذا القول؟ قلت:
أعوذ بالله! قال: فقال قولا لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت: أعوذ بالله! قال: أفما تعلم أن هارون كان أخا موسى لأبيه وأمّه؟ قلت: بلى. قال: فعليّ أخو رسول الله لأبيه وأمّه؟ قلت: لا. قال: أو ليس هارون كان نبيّا وعليّ غير نبيّ؟ قلت: بلى.