لنصرة حقه، يجدّد حبل الإسلام بدعواهم ويشيد أركان الدين بنصرتهم، ويتخذهم لأولياء دينه أنصارا، وعلى إقامة عدله أعوانا، يسدّون الخلل، ويقيمون الميل، ويدفعون عن الأرض الفساد؛ وإنّ أهل خراسان أصبحوا أيدي دولتنا، وسيوف دعوتنا الذين نستدفع المكاره بطاعتهم، ونصرف نزول العظائم بمناصحتهم، وندافع ريب الزمان بعزائمهم، ونزاحم ركن الدهر ببصائرهم. فهم عماد الأرض إذا أرجفت كنفها «١» ، وحتوف الأعداء إذا أبرزت صفحتها، وحصون الرعية إذا تضايقت الحال بها؛ قد مضت لهم وقائع صادقات؛ ومواطن صالحات، أخمدت نيران الفتن، وقصمت دواعي البدع، وأذلّت رقاب الجبّارين، ولم ينفكّوا كذلك ما جروا مع ريح دولتنا، وأقاموا في ظلّ دعوتنا، واعتصموا بحبل طاعتنا التي أعزّ الله بها ذلّتهم، ورفع بها ضعتهم، وجعلهم بها أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين، بعد لباس الذّل، وقناع الخوف، وإطباق البلاء، ومحالفة الأسى، وجهد البأس والضر.
فظاهر عليهم لباس كرامتك، وأنزلهم في حدائق نعمتك. ثم اعرف لهم حقّ طاعتهم، ووسيلة دالّتهم، وماتة «٢» سابقتهم، وحرمة مناصحتهم، بالإحسان إليهم، والتوسعة عليهم، والإثابة لمحسنهم، والإقالة لمسيئهم.
أي بنيّ؛ ثم عليك العامة. فاستدع رضاها بالعدل عليها. واستجلب مودّتها بالإنصاف لها، وتحسّن بذلك لربك، وتزيّن به في عين رعيّتك، واجعل عمال القدر، وولاة الحجج، مقدّمة بين يدي عملك، ونصفة منك لرعيتك؛ وذلك أن تأمر قاضي كل بلد، وخيار أهل كل مصر، أن يختاروا لأنفسهم رجلا تولّيه أمرهم، وتجعل العدل حاكما بينه وبينهم، فإن أحسن حمدت، وإن أساء عذرت. هؤلاء عمال القدر؛ وولاة الحجج. فلا يضيعنّ عليك ما في ذلك- إذا انتشر في الآفاق وسبق إلى الأسماع- من انعقاد ألسنة المرجفين، وكبت قلوب الحاسدين، إطفاء نيران الحروب، وسلامة عواقب الأمور، ولا ينفكنّ في ظل كرامتك نازلا، وبعرا «٣» حبلك متعلّقا،