رحرحان، جمع لقيط بن زرارة لبني عامر، وألّب عليهم، وبين أيام رحرحان ويوم جبلة سنة كاملة.
وكان يوم شعب جبلة قبل الإسلام بأربعين سنة، وهو عام ولد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكانت بنو عبس يومئذ في بني عامر حلفاء لهم، فاستعدى لقيط بني ذبيان لعداوتهم لبني عبس من أجل حرب داحس، فأجابته غطفان كلها غير بني بدر، وتجمعت لهم تميم كلها غير بني سعد، وخرجت معه بنو أسد لحلف كان بينهم وبين غطفان، حتى أتى لقيط الجون الكلبي، وهو ملك هجر «١» ، وكان يحيى من بها من العرب، فقال له:
هل لك في قوم عادين قد ملأوا الأرض نعما وشاء فترسل معي ابنيك، فما أصبنا من مال وسبي فلهما، وما أصبنا من دم فلي؟ فأجابه الجون إلى ذلك، وجعل له موعدا رأس، الحول، ثم أتى لقيط النعمان بن المنذر فاستنجده وأطمعه في الغنائم، فأجابه، وكان لقيط وجيها عند الملوك، فلما كان على قرن الحول «٢» من يوم رحرحان. انهلّت الجيوش إلى لقيط، وأقبل سنان بن أبي حارثة المرّي في غطفان، وهو والد هرم بن سنان الجواد، وجاءت بنو أسد، وأرسل الجون ابنيه معاوية وعمرا، وأرسل النعمان أخاه لأمه حسان بن وبرة الكلبيّ، فلما توافوا خرجوا إلى بني عامر وقد أنذروا بهم وتأهبوا لهم، فقال الأحوص بن جعفر، وهو يومئذ رحا هوازن «٣» ، لقيس بن زهير: ما ترى، فإنك تزعم أنه لم يعرض لك أمران إلا وجدت في أحدهما الفرج؟ فقال قيس بن زهير: الرأي أن نرتجل بالعيال والأموال حتى ندخل شعب جبلة، فنقاتل القوم دونها من وجه واحد، فإنهم داخلون عليك الشعب «٤» ، وإن لقيطا رجل فيه طيش، فسيقتحم عليك الجبل، فأرى لك أن تأمر بالإبل فلا ترعى ولا تسقى وتعقل «٥» ، ثم تجعل الذراري «٦» وراء ظهورنا، وتأمر