الرجال فتأخذ بأذناب الإبل، فإذا دخلوا علينا الشعب حلّت الرجالة عقل الإبل ثم لزمت أذنابها، فإنها تنحدر عليهم وتحن إلى مرعاها ووردها ولا يردّ وجوهها شيء، وتخرج الفرسان في أثر الرجالة الذين خلف الإبل، فإنها تحطم ما لقيت، وتقبل عليهم الخيل وقد حطموا من عل! قال الاحوص: نعم ما رأيت! فأخذ برأيه، ومع بني عامر يومئذ بنو عبس وغني في بني كلاب، وباهلة في بني كعب، والأبناء ابناء صعصعة، وكان رهط المعقر البارقي يومئذ في بني نمير بن عامر، وكانت قبائل بجيلة كلها فيهم غير قسر.
قال أبو عبيدة: وأقبل لقيط والملوك ومن معهم، فوجدوا بني عامر قد دخلوا شعب جبلة، فنزلوا على فم الشّعب، فقال لهم رجل من بني أسد: خذوا عليهم فم الشعب حتى يعطشوا ويخرجوا، فوالله ليتساقطنّ عليكم تساقط البعر من أست البعير! فأتوا حتى دخلوا الشعب عليهم وقد عقلوا الإبل وعطشوها ثلاثة اخماس «١» ، وذلك اثنتا عشر ليلة، ولم تطعم شيئا، فلما دخلوا حلوا عقلها، فأقبلت تهوي، فسمع القوم دويّها في الشعب، فظنوا أن الشعب قد هدم عليهم، والرجالة في أثرها آخذين بأذنابها، فدقّت كل ما لقيت، وفيها بعير أعور يتلوه غلام أعسر «٢» آخذ بذنبه وهو يرتجز ويقول:
أنا الغلام الاعسر ... الخير فيّ والشرّ والشرّ فيّ أكثر
فانهزموا لا يلوون على أحد، وقتل لقيط بن زرارة، وأسر حاجب بن زرارة أسره ذو الرّقيبة، وأسر سنان بن أبي حارثة المري أسره عروة الرحال، فجز ناصيته «٣» وأطلقه فلم تشنه، وأسر عمرو بن عمرو بن عدس، أسره قيس بن المنتفق فجزّ