أربعين ليلة، وفي طرف الغاية شعاب كثيرة، فأكمن حمل بن بدر في تلك الشعاب فتيانا على طريق الفرسين، وأمرهم إن جاء داحس سابقا يردّوا وجهه عن الغاية.
قال: فأرسلوهما فأحضرا «١» ، فلما أحضرا خرجت الانثى من الفحل، فقال حمل بن بدر: سبقتك يا قيس! فقال قيس: رويدا يعدوان الجدد «٢» إلى الوعث وترشح أعطاف الفحل. قال: فلما أوغلا في الجدد وخرجا إلى الوعث، برز داحس عن الغبراء، فقال قيس: جري المذكيات «٣» غلاء «٤» . فذهبت مثلا، فلما شارف داحس الغاية ودنا من الفتية، وثبوا في وجه داحس فردّوه عن الغاية، ففي ذلك يقول قيس ابن زهير:
وما لا قيت من حمل بن بدر ... وإخوته على ذات الإصاد «٥»
هم فخروا عليّ بغير فخر ... وردوا دون غايته جوادي
وثارت الحرب بين عبس وذبيان ابني بغيض، فبقيت أربعين سنة لم تنتج لهم ناقة ولا فرس، لاشتغالهم بالحرب، فبعث حذيفة بن بدر ابنه مالكا إلى قيس بن زهير يطلب منه حق السبق، فقال قيس: كلا لا مطلتك به. ثم أخذ الرمح فطعنه به فدق صلبه، ورجعت فرسه عارية، فاجتمع الناس فاحتملوا دية مالك مائة عشراء- وزعموا أن الربيع بن زياد العبسي حملها وحده- فقبضها حذيفة، وسكن الناس.
ثم ان مالك بن زهير نزل اللّقاطة «٦» من أرض الشربة، فأخبر حذيفة بمكانه، فعدا عليه فقتله. ففي ذلك يقول عنترة الفوارس:
فلله عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم أن جرى فرسان «٧»