للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليتهما لم يجريا قيد غلوة ... وليتهما لم يرسلا لرهان

فقالت بنو عبس: مالك بن زهير بمالك بن حذيفة، وردوا علينا مالنا. فأبى حذيفة أن يرد شيئا، وكان الربيع بن زياد مجاورا لبني فزارة، ولم يكن في العرب مثله ومثل إخوته، وكان يقال لهم: الكملة، وكان مشاحنا «١» لقيس بن زهير من سبب درع لقيس غلبه عليها الربيع بين زياد، فاطرد قيس لبونا لبني زياد فأتى بها مكة، فعاوض بها عبد الله بن جدعان بسلاح، وفي ذلك يقول قيس بن زهير:

ألم يبلغك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد

ومحبسها على القرشيّ تشرى ... بأدراع وأسياف حداد

وكنت إذا بليت بخصم سوء ... دلفت له بداهية نآد «٢»

ولما قتل مالك بن زهير، قامت بنو غزارة يسألون ويقولون: ما فعل حماركم؟

قالوا: صدناه! فقال الربيع: ما هذا الوحي؟ قالوا: قتلنا مالك بن زهير. قال: بئس ما فعلتم بقومكم، قبلتم الدية ثم رضيتم بها وغدرتم! قالوا: لولا أنك جارنا لقتلناك! وكانت خفرة «٣» الجار ثلاثا: فقالوا له: بعد ثلاث ليال اخرج عنا. فخرج واتبعوه، فلم يلحقوه حتى لحق بقومه، وأتاه قيس بن زهير فعاقده، وفي ذلك يقول الربيع:

فإن تك حربكم أمست عوانا ... فإني لم أكن ممن جناها «٤»

ولكن ولد سودة أرّثوها ... وحشوا نارها لمن اصطلاها «٥»

فإني غير خاذلكم ولكن ... سأسعى الآن إذ بلغت مداها

ثم نهضت بنو عبس وحلفاؤهم بنو عبد الله بن غطفان إلى بني فزارة وذبيان، ورئيسهم الربيع بن زياد، ورئيس بن فزارة حذيفة بن بدر.