للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال له اللوى، فقتل عبد الله، وارتثّ «١» دريد فبقي في القتلى فلما كان في بعض الليل أتاه فارسان، فقال أحدهما لصاحبه: أني أرى عينيه تبصّ «٢» ، فانزل فانظر إلى سبّته «٣» . فنزل فكشف ثوبه فإذا هي ترمّز «٤» فطعنه، فخرج دم قد كان احتقن.

قال دريد: فأفقت عندها، فلما جاوزوني نهضت. قال: فما شعرت إلا وأنا عند عرقوب «٥» جمل امرأة من هوازن، فقالت: من أنت؟ أعوذ بالله من شرك! قلت:

لا، بل من انت؟ ويلك! قالت: امرأة من هوازن سيارة. قلت: وأنا من هوازن، وأنا دريد بن الصمّة. قال: وكانت في قوم مجتازين لا يشعرون بالوقعة، فضمته وعالجته حتى أفاق.

فقال دريد يرثي عبد الله أخاه، ويذكر عصيانه له وعصيان قومه، بقوله:

أعاذل إنّ الرّزء في مثل خالد ... ولا رزء فيما أهلك المرء عن يد «٦»

وقلت لعارض وأصحاب عارض ... ورهط بني السّوداء والقوم شهدي «٧»

علانية ظنّوا بألفي مدجّج ... سراتهم في الفارسيّ المسرّد «٨»

أمرتهم أمري بمنقطع اللّوى ... فلم يستبينوا الرشد إلّا ضحى الغد

فلما عصوني كنت منهم وقد أرى ... غوايتهم أو أنّني غير مهتّد

وما أنا إلا من غزيّة إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد «٩»

فإن تعقب الأيام والدهر تعلموا ... بني غالب أنا غضاب لمعبد

تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا ... فقلت أعبد الله ذلكم الرّدي