للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن كان ينفعك اليقين فسائلي ... عن الظّعينة يوم وادي الأخرم «١»

إذ هي لأوّل من أتاها نهزة ... لولا طعان ربيعة بن مكدّم

إذ قال لي أدنى الفوارس منهم ... خلّ الظّعينة طائعا لا تندم

فصرفت راحلة الظعينة نحوه ... عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم

وهتكت بالرّمح الطويل إهابه ... فهوى صريعا لليدين وللفم

ومنحت آخر بعده جيّاشة ... نجلاء فاغرة كشدق الأضجم «٢»

ولقد شفعتهما بآخر ثالث ... وأبى الفرار عن العداة تكرّمي

ثم لم يلبث بنو كنانة [رهط ربيعة بن مكدّم] أن أغارت على بني جشم [رهطدريد] ، فقتلوا [وأسروا وغنموا] ، وأسروا دريد بن الصّمة، فأخفى نسبه، فبينما هو عندهم محبوس، إذ جاءت نسوة يتهادين «٣» إليه، فصاحت إحداهن فقالت:

هلكتم وأهلكتم، ماذا جرّ علينا قومنا؟ هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة! ثم ألقت عليه ثوبها، وقالت يا آل فراس أنا جارة له منكم، هذا صاحبنا يوم الوادي! فسألوه: من هو؟ فقال أنا دريد بن الصمة، فمن صاحبي؟ قالوا: ربيعة بن مكدم. قال: فما فعل؟ قالوا: قتلته بنو سليم! قال: فا فعلت الظعينة؟ قالت المرأة: أنا هي، وأنا امرأته! فحبسه القوم وآمروا أنفسهم، فقال بعضهم: لا ينبغي لدريد أن تكفر نعمته على صاحبنا! وقال الآخرون لا والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره، فانبعثت المرأة في الليل- وهي ريطة بنت جزل الطعان- فقالت:

سنجزي دريدا عن ربيعة نعمة ... وكلّ امرىء يجزى بما كان قدّما

فإن كان خيرا كان خيرا جزاؤه ... وإن كان شرّا كان شرّا مذمّما

سنجزه نعمى لم تكن بصغيرة ... بإهدائه الرّمح الطويل المقوّما «٤»