وتوافت بذي قار، ولم يشهدها أحد من بني حنيفة، ورؤساء بني بكر يومئذ ثلاثة نفر: هانيء بن قبيصة، ويزيد بن مسهر الشيباني، وحنظلة بن ثعلبة العجلي.
وقال مسمع بن عبد الملك العجلي بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل: لا والله ما كان لهم رئيس، وإنما غزوا في ديارهم فثار الناس إليهم من بيوتهم.
وقال حنظلة بن ثعلبة لهانيء بن قبيصة: يا أبا أمامة، إنّ ذمّتكم ذمّتنا عامّة، وإنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا، فأخرج هذه الحلقة ففرّقها في قومك، فإن تظفر فستردّ عليك، وإن تهلك فأهون مفقود. فأمر بها فأخرجت وفرّقت بينهم.
وقال للنعمان: لولا أنك رسول ما أبت «١» إلى قومك سالما! قال أبو المنذر: فعقد كسرى للنعمان بن زرعة على تغلب والنمر، وعقد الخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وإياد، وعقد لإباس بن قبيصة على جميع العرب، ومعه كتيبتاه الشهباء والدوسر، وعقد للهامرز التستري- وكان على مسلحة كسري بالسواد- على ألف من الأساورة، وكتب إلى قيس بن مسعود بن قيس بن خالد ذي الجدّين- وكان عامله على الطّفّ «٢» طفّ سفوان- وأمره أن يوافي إياس بن قبيصة، ففعل.
وسار إياس بمن معه من جنده من طيء، ومعه الهامرز، والنعمان بن زرعة وخالد ابن يزيد، وقيس بن مسعود، كل واحد منهم على قومه، فلما دنا من بكر انسلّ قيس إلى قومه ليلا، فأتى هانئا فأشار عليهم كيف يصنعون، وأمرهم بالصبر ثم رجع.
فلما التقى الزحفان وتقارب القوم، قام حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي، فقال: يا معشر بكر، إنّ النّشّاب «٣» الذي مع هؤلاء الأعاجم تفرّقكم، فعاجلوهم اللقاء وابدءوهم بالشدّة.
وقال هانيء بن مسعود: يا قوم مهلك مقدور، خير من منجى مغرور، إنّ الجزع