فوصف نفسه بالصبر والجلد والقوّة على التهالك، ثم أدركته الرقة والاشتياق في البيت الذي بعده:
أغرّك مني أنّ حبّك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
مستدركا قوله في البيت الأول:
فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل
ولم يزل من تقدّم من الشعراء وغيرهم مجمعين على ذمّ الغراب والتشاؤم به، وكان اسمه مشتقا من الغربة، فسموه غراب البين، وزعموا أنه إذا صاح في الديار أقوت «١» من أهلها، وخالفهم أبو الشّيص فقال ما هو أحسن من هذا وأصدق من ذلك كله، قوله:
ما فرّق الأحباب بع ... د الله إلا الإبل
والناس يلحون غرا ... ب البين لمّا جهلوا «٢»
وما إذا صباح غراب ... ب في الديار احتملوا
وما على ظهر غرا ... ب البين تطوى الرحل
وما غراب البين إلّا ... ناقة أو جمل
وقال آخر في هذا المعنى وذكر الإبل:
لهنّ الوجى إذ كنّ عونا على النّوى ... ولا زال منها ظالع وكسير «٣»
وما الشؤم في نعب الغراب ونعقه ... وما الشؤم إلا ناقة وبعير
ومن قولنا في هذا المعنى:
نعب الغراب فقلت أكذب طائر ... إن لم يصدّقه رغاء بعير
ردّ الجمال هو المحقّق للنّوى ... بل شرّ أخلاس لهنّ وكور «٤»