وقد يأتي من الشعر ما هو خارج عن طبقة الشعراء، منفرد في غرائبه وبديع صنعته ولطيف تشبيهه، كقول جعفر بن جدار كاتب ابن طولون:
كم بين باري وبين بمّا ... وبين بون إلى دمّما «١»
من رشإ أبيض التراقي ... أغيد ذي غنّة أحمّا «٢»
وطفلة رخصة المرائي ... ليست تحلّى ولا تسمّى
إلا وسلك من اللآلي ... يعجز من يخرج المعمّى
صغرى وكبرى إلى ثلاث ... مثل التّعاليل أو أتما
وكم ببمّ وأرض بمّ ... وكم برمّ وأرض رمّا «٣»
من طفلة بضّة لعوب ... تلقاك بالحسن مستتما
منهنّ ريّا وكيف ريّا ... ريّا إذا لاقت المشما
لو شمّها طائر بدوّ ... لخرّ في الترب أو لهمّا
تسحب ثوبين من خلوق ... قد أفنيا زعفران قمّا «٤»
كأنما جلّيا عليها ... من طيب ما باشرا وشمّا
فألفيا زعفران قمّ ... فانغمسا فيه واستحما
فهي نظير اسمها المعلّى ... يفوح لا مرطها المدمّا «٥»
هيهات يا أخت أهل بمّ ... غلطت في الاسم والمسمّى
لو كان هذا وقيل سمّ ... مات إذا من يقول سمّا
قد قلت إذ أقبلت تهادى ... كطلعة البدر أو أتما
تومي بأسروعة وتخفي ... بالبرد مثل القداح حمّا «٦»