للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرست بل لنت بل قابلت ذاك بذا ... فأنت لا شك فيه السهل والجبل

وقد يأتي من الشعر ما لا فائدة له ولا معنى، كقول القائل:

الليل ليل، والنهار نهار ... والأرض فيها الماء والأشجار!

وقال الأعشى:

إن محلّا وإن مرتحلا ... وإن في السّفّر إذ مضى مثلا «١»

وقال إبراهيم الشيباني الكاتب: قد تكون الكلمة إذا كانت مفردة حوشية بشعة، حتى إذا وضعت في موضعها وقرنت مع إخوتها حسنت؛ كقول الحسن بن هانيء:

ذو حصر أفلت من كرّ القبل

والكرّ كلمة خسيسة، ولا سيما في الرقيق والغزل والنسيب، غير أنها لما وضعت في موضعها حسنت.

وكذلك الكلمة الرقيقة العذبة ربما قبحت ونفرت إذا لم توضع في موضعها، مثل قول الشاعر:

رأت رائحا جونا فقامت غريرة ... بمسحاتها جنح الظّلام تبادره «٢»

فأوقع الجافي الجلف هذه اللفظة غير موقعها، وبخسها حقّها حين جعلها في غير مكانها حقا؛ لأن المساحي لا تصلح الغرائر.

واعلم أنه لا يصلح لك شيء من المنثور والمنظوم، إلا أن تجري منه على عرق وأن تتمسك منه بسبب، فأما إن كان غير مناسب لطبيعتك، وغير ملائم لقريحتك، فلا تنض «٣» مطيّتك في التماسه، ولا تتعب نفسك إلى انبعاثه، باستعارتك ألفاظ الناس وكلامهم، فإن ذلك غير مثمر لك ولا مجد عليك، ما لم تكن الصناعة ممازجة لذهنك، وملتحمة بطبعك.