.. وإنما قوله فيها رجس، كقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
«١» أي كفرا إلى كفرهم.
وأما منافعها التي ذكرها اللَّه تعالى في قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
«٢» فإنها كثيرة لا تحصى: فمنها أنها تدرّ الدم، وتقوّي المعدة، وتصفي اللون، وتبعث النشاط، وتفتق اللسان، ما أخذ منها بقدر الحاجة ولم يجاوز المقدار، فإذا جاوز ذلك عاد نفعها ضررا.
وقال ابن قتيبة في كتاب الأشربة: كانت بنو وائل تقول: الخمر حبيبة الروح، ولذلك اشتق لها اسم من الروح، فسميت راحا، وربما سميت روحا. وقال إبراهيم النظام:
ما زلت آخذ روح الدّنّ في لطف ... وأستبيح دما من غير مذبوح «٣»
حتى انثنيت ولي روحان في جسدي ... والدّنّ مطّرح، جسم بلا روح
وقد تسمى دما، لأنها تزيد في الدم؛ قال مسلم بن الوليد الأنصاري:
مزجنا دما من كرمة بدمائنا ... فأظهر في الألوان منّا الدم الدم
قال ابن قتيبة: وحدّثني الرياشي أن عبيدا راوية الأعشى قال: سألت الأعشى عن قوله:
وسلافة مما تعتّق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها «٤»
فقال: شربتها حمراء، وبلتها بيضاء. يريد أن حمرتها صارت دما.
ومن منافع الخمر أنها تزيد في القوّة، وتولد الحرارة، وتهيج الأنفة، وتسخّي البخيل، وتشجع الجبان.