خليلان نشكو ما نلاقي من الهوى ... ومهما يقل أسمع وإن قلت يسمع
ألا ليت شعري أي خطب أصابه ... فلي زفرات هجن ما بين أضلع
فلا يبعدنك اللَّه خلا فإنني ... سألقى كما لاقيت في الحبّ مصرعي
قال: فلما حججت ووقفت بعرفات، إذا به قد أقبل، وقد تغير لونه وساءت هيئته، وما عرفته إلا بناقته؛ فأقبل [فأدنى ناقته من ناقتي] حتى خالف بين أعناقهما، ثم اعتنقني وجعل يبكي، فقلت له: ما الذي دهاك؟ قال: برح الخفاء وكشف الغطاء ثم أنشد يقول:
لئن كانت عديلة ذات مطل ... لقد علمت بأنّ الحبّ داء «١»
[ألم تنظر إلى تغيير جمسي ... وأنّي لا يفارقني البكاء]
وإنك لو تكلفت الذي بي ... لزال السّتر وانكشف الغطاء
وإن معاشري ورجال قومي ... حتوفهم الصّبابة واللقاء
إذا العذريّ مات بحتف أنف ... فذاك العبد تحكيه الرّشاء
فقلت: يا أبا مسهر، إنها ساعة عظيمة، تضرب فيها أكباد الإبل من شرق الأرض وغربها، فلو دعوت اللَّه كنت قمنا أن تظفر بحاجتك، وتنصر على عدوّك فجعل يدعو، حتى إذا مالت الشمس للغروب، وهم الناس أن يفيضوا سمعته يهينم بشيء، فأصغيت مسمعا، فجعل يقول:
يا ربّ كلّ غدوة وروحه ... من محرم يشكو الصّبا ونوحه «٢»
أنت حسيب الخلق يوم الدوحه
فقلت له وما يوم الدوحة؟ قال: سأخبرك إن شاء اللَّه، ولو لم تسلني. فيممنا نحو المزدلفة، فأقبل عليّ وقال: إني رجل ذو مال كثير، من نعم وشاء، وإني خشيت على مالي عام أوّل التلف، فأتيت أخوالي كلبا، فأوسعوا لي عن صدر المجلس وسقوني