قالت: فلما رأيته أمر بأن يكتب له؛ شخص بي. وهي وطني وداري؛ فقلت: يا رسول الله؛ إنه لم يسألك السويّة من الأرض إذ سألك؛ إنما هذه الدهناء مقيّد الجمل ومرعى الغنم؛ ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك. فقال: أمسك يا غلام، صدقت المسكينة المسلم أخو المسلم، يسعهما الماء والشجر. ويتعاونان على الفتّان «١» .
فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه، قال كنت أنا وأنت كما قال في المثل:
حتفها تحمل ضأن بأظلافها! فقلت: أما والله ما علمت إن كنت لدليلا في الظلماء، جوادا لدى الرّحل، عفيفا عن الرفيقة حتى قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولكن لا تلمني أن أسأل حظي إذ سألت حظّك. قال: وأيّ حظ لك في الدهناء لا أبالك.
قلت مقّيد جملي تريده لجمل امرأتك! فقال: لا جرم إني أشهد رسول الله أني لك أخ ما حييت؛ إذ أثنيت عليّ عنده. فقلت: أمّا إذ بدأتها فلن أضيعها.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيلام ابن هذه أن يفصل الخطة، وينتصر من وراء الحجزة. فبكيت ثم قلت: فقد والله ولدته يا رسول الله حراما، فقاتل معك يوم الرّبذة، ثم ذهب يمتري من خيبر، فأصابته حمّاها فمات فقال: لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك. أيغلب أحيدكم على أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفا، فإذا حال بينه وبينه من هو أولى به استرجع ثم قال: ربّ آسني لما أمضيت، وأعنّي على ما أبقيت. فو الذي نفس محمد بيده إنّ أحدكم ليبكي فيستعبر له صويحبه؛ فيا عباد الله لا تعذّبوا إخوانكم ثم كتب لها في قطعة أدم أحمر: لقيلة والنسوة من بنات قيلة يظلمن حقّا، ولا يكرهن على منكح، وكل مؤمن مسلم لهن نصير أحسنّ ولا تسئن.