للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل، فقبضت يدي. وقلت: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الأكل في آنية الذهب والفضة. فقال نعم صلّى الله عليه وسلّم، ولكن نقّ قلبك وكل فيما أحببت. قال: فأكل في الذهب والفضة وأكلت في الخليج «١» ؛ فلما رفع الطعام جيء بطساس الفضة وأباريق الذهب، وأومأ إلى خادم بين يديه، فمرّ مسرعا، فسمعت حسّا، فالتفتّ، فإذا خدم معهنّ الكراسي مرصّعة بالجواهر، فوضعت عشرة عن يمينه وعشرة عن يساره، ثم سمعت حسّا، فإذا عشر جوار قد أقبلن مطمومات الشعر «٢» متكسرات في الحلى عليهن ثياب الديباج، فلم أر وجوها قط أحسن منهن، فأقعدهنّ على الكراسيّ عن يمينه؛ ثم سمعت حسّا، فإذا عشر جوار أخرى، فأجلسهن على الكراسيّ عن يساره؛ ثم سمعت حسّا، فإذا جارية كأنها الشمس حسنا؛ وعلى رأسها تاج، على ذلك التاج طائر لم أر أحسن منه، وفي يدها اليمنى جام «٣» فيها مسك وعنبر، وفي يدها اليسرى جامة فيها ماء ورد، فأومأت إلى الطائر أو قال: فصفرت بالطائر، فوقع في جام ماء الورد فاضطرب فيه، ثم أومأت إليه أو قال: فصفرت به، فطار حتى نزل على صليب في تاج جبلة؛ فلم يزل يرفرف حتى نفض ما في ريشه عليه. وضحك جبلة من شدّة السرور حتى بدت أنيابه؛ ثم التفت إلى الجواري اللواتي عن يمينه، فقال: بالله أطربنني؛ فاندفعن يتغنين يخفقن بعيدانهن ويقلن:

لله درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلّق في الزمان الأوّل

يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل «٤»

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل

بيض الوجوه أعفّة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل

قال: فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت: لا. قال: