إليه، إذا بفارس قد أقبل علينا، فقال أبا جعفر، إن أمير المؤمنين يقرأ السلام عليك، ويقول لك: جمعت له وخش رقيق الحجاز وأبّاقهم وحبست عنا فلانة، فابعث بها إلينا- وذلك أنه حين دخل عليه أصحابه جعل يحدّثهم عن هدايا ابن جعفر ويعظمها عندهم، فقال له يحيى بن الحكم: وماذا أهدى إليك ابن جعفر؟ جمع لك وخش رقيق الحجاز وأبّاقهم وحبس عنك فلانة. قال: ويلك، وما فلانة هذه؟
قال: ما لم يسمع واد أحد بمثلها قطّ جمالا وكمالا وخلقا وأدبا، لو أراد كرامتك بعث بها إليك. قال: وأين تراها. وأين تكون؟ قال: هي والله معه، وهي نفسه التي بين جنبيه- فلما قال الرسول ما قال، وكان ابن جعفر في أذنه بعض الوقر، إذا سمع ما يكره تصامّ، فأقبل عليه فقال: ما يقول يا بديح؟ قال: قلت: فإنّ أمير المؤمنين يقرأ السلام ويقول: إنه جاءني بريد من ثغر كذا يقول: إن الله نصر المسلمين وأعزهم. قال: اقرأ أمير المؤمنين السلام، وقل له: أعز الله نصرك، وكبت عدوك.
فقال الرسول: يا أبا جعفر، إني لست أقول هذا. وأعاد مقالته الأولى. فسألني فصرفته إلى وجه آخر. فأقبل عليّ الرسول، فقال: يا ماصّ ... أبرسل أمير المؤمنين تهكّم، وعن أمير المؤمنين تجيب هذا الجواب؟ أما والله لأطلّنّ دمك. فانصرف، وأقبل عليّ بن جعفر فقال: من ترى صاحبنا؟ قال: صاحبك بالأمس. قال: أظنه! فما الرأي عندك؟ قلت: يا أبا جعفر، قد تكلّفت له ما تكلفت، فإن منعتها إياه جعلتها سببا لمنعك، ولو طلب أمير المؤمنين إحدى بناتك ما كنت أرى أن تمنعها إياه. قال: ادعها لي فلما أقبلت. رحّب بها ثم أجلسها إلى جنبه، ثم قال: أما والله ما كنت أظن أن يفرق بيني وبينك إلا الموت. قالت: وما ذاك؟ قال: إنه حدث أمر، وليس والله كائنا فيه إلا ما أحببت، جاء الدهر فيه بما جاء. قالت: وما هو؟ قال:
إن أمير المؤمنين بعث يطلبك. فإن تهوى فذاك، وإلا والله لم يكن أبدا. قالت: ما شيء لك فيه هوى ولا أظنّ فيه فرجا عنك إلا فديته بنفسي، وأرسلت عينها بالبكاء. فقال لها: أما إذا فعلت فلا ترينّ مكروها: فمسحت عينيها، وأشار إليّ فقال: ويحك يا بديح استحثها قبل أن تتقدّم إليّ من القوم بادرة. قال: ودعا بأربع