وقالت الخنساء ترثي أخاها صخرا:
بكت عيني وعاودها قذاها ... بعوّار فما تقضى كراها «١»
على صخر وأيّ فتى كصخر ... إذا ما الغاب لم ترأم طلاها «٢»
حلفت بربّ صهب معملات ... إلى البيت المحرّم منتهاها
لئن جزعت بنو عمرو عليه ... لقد رزئت بنو عمرو فتاها
له كف يشدّ بها وكف ... تجود فما يجفّ ثرى نداها
ترى الشّمّ الغطارف من سليم ... وقد بلّت مدامعها لحاها
أحاميكم ومطعمكم تركتم ... لدى غبراء منهدم رجاها
فمن للضيف إن هبّت شمال ... مزعزعة تناوئها صباها
وألجأ بردها الأشوال حدبا ... إلى الحجرات بادية كلاها «٣»
هنالك لو نزلت بباب صخر ... قرى الأضياف شحما من ذراها
وخيل قد دلفت لها بخيل ... فدارت بين كبشيها رحاها «٤»
تكفكف فضل سابغة دلاص ... على خيفانة خفق حشاها «٥»
وقال كعب يرثي أخاه أبا المغوار:
تقول سليّمى: ما لجسمك شاحبا ... كأنك يحميك الطعام طبيب
فقلت: شجون من خطوب تتابعت ... عليّ كبار والزمان يريب
لعمري لئن كانت أصابت منيّة ... أخي، فالمنايا للرّجال شعوب «٦»
فإني لباكيه، وإني لصادق ... عليه، وبعض القائلين كذوب
أخي ما أخي! لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللّقاء هيوب
أخ كان يكفيني وكان يعينني ... على نائبات الدّهر حين تنوب