وكلّ امرىء يوما ملاق حمامه ... وإن باتت الدّعوى وطال به العمر
وأبليت خيرا في الحياة وإنّما ... ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشّعر
ليفدك مولى أو أخ ذو ذمامة ... قليل الغناء لا عطاء ولا نصر «١»
لشبل بن معبد البجلي:
أتى دون حلو العيش حتى أمرّه ... نكوب على آثارهنّ نكوب
تتابعن في الأحباب حتى أبدنهم ... فلم يبق منهم في الدّيار قريب
برتني صروف الدهر من كلّ جانب ... كما ينبري دون اللّحاء عسيب «٢»
فأصبحت إلا رحمة الله مفردا ... لدى الناس صبرا والفؤاد كئيب
إذا ذرّ قرن الشمس علّلت بالأسى ... ويأوي إليّ الحزن حين يؤوب
ونام خليّ البال عنّي ولم أنم ... كما لم ينم عاري الفناء غريب
تضرّ به الأيام حتى كأنّه ... بطول الذي أعقبن وهو رقوب
فقلت لأصحابي وقد قذفت بنا ... نوى غربة عمّن نحبّ شطوب «٣»
متى العهد بالأهل الذين تركتهم ... لهم في فؤادي بالعراق نصيب
فما ترك الطاعون من ذي قرابة ... إليه إذا حان الإياب نؤوب
فقد أصبحوا لا دارهم منك غربة ... بعيد، ولا هم في الحياة قريب
وكنت ترجّى أن تئوب إليهم ... فعالتهم من دون ذاك شعوب
مقادير لا يغفلن من حان يومه ... لهنّ على كلّ النّفوس رقيب
سقين بكأس الموت من حان حينه ... وفي الحيّ من أنفاسهنّ ذنوب «٤»
وإنا وإيّاهم كوارد منهل ... على حوضه بالباليات نهيب
إليه تناهينا ولو حال دونه ... مياه وراء كلّهن شروب
فهوّن عنّي بعض وجدي أنّني ... رأيت المنايا تغتدي وتؤوب
ولسنا بأحيا منهم غير أنّنا ... إلى أجل ندعى له فنجيب