ولا زال يسقي من بلاد ثوى بها ... ثبات إذا صاب الربيع بها نضر
حلفت برب الرافعين أكفّهم ... وربّ الهدايا حيث حلّ بها النجر «١»
ومجتمع الحجاج حيث تواقفت ... رفاق من الآفاق تكبيرها جأر
يمين امريء آلى وليس بكاذب ... وما في يمين بتّها صادق وزر
لئن كان أمسى ابن المعذّر قد ثوى ... بريد لنعم المرء غيّبه القبر
هو المرء للمعروف والدين والنّدي ... ومسعر حرب لا كهام ولا غمر «٢»
أقام ونادى أهله فتحمّلوا ... وصرّمت الأسباب واختلف النّجر
فأيّ امريء غادرتم في بيوتكم ... إذا هي أمست لون آفاقها حمر
إذا الشول أمست وهي حدب ظهورها ... عجافا ولم يسمع لفحل لها هدر
كثير رماد القدر يغشى فناؤه ... إذا نودي الأيسار واحتضر الجزر
فتى كان يغلي اللحم نيئا ولحمه ... رخيص بكفّيه إذا تنزل القدر
يقسّمه حتى يشيع ولم يكن ... كآخر يضحي من غبيبته ذخر «٣»
فتى الحيّ والأضياف إن روّحتهم ... بليل وزاد السّفر إن أرمل السّفر «٤»
إذا أجهد القوم المطيّ وأدرجت ... من الضّمر حتى يبلغ الحقب الضّفر «٥»
وخفت بقايا زادهم وتواكلوا ... وأكسف بال القوم مجهولة قفر
رأيت له فضلا عليهم بقوّة ... وبالعقر لما كان زادهم العقر
إذا القوم أسروا ليلهم ثم أصبحوا ... غدا وهو ما فيه سقاط ولا فتر «٦»
وإن خشعت أبصارهم وتضاءلت ... من الأين جلّى مثل ما ينظر الصّقر
وإن جارة حلّت إليه وفى لها ... فباتت ولم يهتك لجارته ستر
عفيف عن السّوءات ما التبست به ... صليب فما يلفى بعود له كسر
سلكت سبيل العالمين فما لهم ... وراء الذي لاقيت معدى ولا قصر