للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يمتثلُوا، بلْ يعذَّبُ [بمجرد] (١) الإيصاءِ، فإن امتثلوهُ وناحُوا عذِّبَ على الأمرينِ: الإيصاءُ لأنهُ فعلُه، والنياحةُ لأنَّها بسببهِ.

الثالثُ: أنهُ خاصٌّ بالكافرِ وأن المؤمنَ لا يعذَّبُ بذنبِ غيرهِ أصلًا، وفيهِ بُعْدٌ [كما] (٢) لا يخْفَى؛ فإنَّ الكافرَ لا يُحْمَلُ عليهِ ذنبُ غيرهِ أيضًا لقولهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٣).

الرابعُ: أن معنَى التعذيبِ: توبيخُ الملائكةِ للميتِ بما يندبُه بهِ أهلُه، كما رَوَى أحمدُ (٤) منْ حديثِ أبي موسى مرفوعًا: "الميتُ يعذَّبُ ببكاءِ الحيِّ إذا قالتِ النائحةُ: واعضدَاهُ، واناصراهُ، واكاسياهُ، جُلِدَ الميتُ. وقالَ: أنتَ عضدُها، أنتَ ناصرُها، أنتَ كاسيْها".

وأخرجَ معناهُ ابنُ ماجه (٥)، والترمذي (٦).

الخامسُ: أن معنَى التعذيبِ تألمُّ الميتِ بما يقعُ منْ أهلهِ منَ النياحةِ وغيرِها، فإنهُ يرق لهم، وإلى هذا التأويلِ ذهبَ محمدُ بنُ جريرٍ وغيرُه، وقالَ القاضي عياضُ: هوَ أَوْلى الأقوالِ.

واحتحوا بحديثٍ فيهِ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - زجرَ امرأةً عن البكاءِ على ابنِها وقالَ: إنَّ أحدَكم إذا بكَى استعبرَ لهُ صويحبُه، [فيا عباد] (٧) اللهِ لا تعذِّبُوا إخوانَكم" (٨).


(١) في (أ): "على مجرد".
(٢) زيادة من (أ).
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٦٤.
(٤) في "المسند" (٤/ ٤١٤).
(٥) في "السنن" (١/ ٥٠٨ رقم ١٥٩٤).
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ٥٢٦ رقم ٥٧٦/ ١٥٩٤): "هذا إسناد حسن، يعقوب بن حميد مختلف فيه … " اهـ.
(٦) في "السنن" (٣/ ٣٢٦ رقم ١٠٠٣)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
قلت: وهو حديث حسن.
(٧) في (ب): "ياعباد".
(٨) ذكره القرطبي في "التذكرة" (١/ ١٣٣ - ١٣٤) وقال: ذكره ابن أبي خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهما. وهو حديث معروف إسناده لا بأس به.
وذكره ابن حجر في "الفتح" (٣/ ١٥٥) وقال: "حسن الإسناد، أخرجه ابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة والطبراني وغيرهم" اهـ.