للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حصينٍ وجماعةٍ، ماتَ سنةَ خمسَ عشرةَ ومائةٍ (عنْ أبيهِ) أي: بريدةَ (قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمُهم) أي: أصحابَهُ (إذا خرجُوا إلى المقابرِ) أي: أنْ يقولُوا: (السلامُ على أهلِ الديارِ منَ المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنا إنْ شاءَ اللَّهُ بكمْ لاحقونَ، أسألُ الله لنا ولكمْ العافيةَ. رواهُ مسلمٌ).

وأخرجه أيضًا منْ حديثِ عائشةَ (١) وفيهِ زيادةُ: "ويرحمُ اللَّهُ المتقدِّمينَ منَّا والمتأخرينَ". والحديثُ دليل على [مشروعية] (٢) زيارةِ القبورِ، والسلامِ على مَنْ فيْهَا مِنَ الأمواتِ، وأنهُ بلفظِ السلامِ على الأحياءِ.

قال الخطابي: فيهِ أن اسمَ الدارِ يقعُ على المقابرِ، وهوَ صحيحٌ؛ فإنَّ الدارَ في اللغةِ تقعُ على الرَّبعِ المسكونِ، وعلى الخرابِ غيرِ المأهولِ. والتقييدُ بالمشيئةِ للتبرُّكِ، وامتثالًا لقولهِ تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٣)، وقيلَ: المشيئة عائدةٌ إلى تلكَ التربةِ بعينِها. وسؤالهُ العافيةَ دليلٌ على أنَّها مِنْ أهمِّ ما يطلبُ، وأشرفِ ما يسئلُ. والعافيةُ للميتِ بسلامتِه منَ العذابِ ومناقشةِ الحسابِ.

ومقصودُ زيارةِ القبورِ الدعاءُ لهمْ والإحسانُ إليهمْ، وتذكُّرُ الآخرةِ والزهدُ في الدنيا، وأما ما أحدثهُ العامةُ مِنْ خلافِ هذَا كدعائِهم الميتَ، والاستصراخِ بهِ، والاستغاثةِ بهِ، وسؤالِ اللَّهِ بحقِّهِ، وطلبِ الحاجاتِ إليهِ تعالى بهِ، فهذَا مِنَ البدعِ والجهالاتِ. وتقدمَ شيءٌ منْ هذَا.

٦٠/ ٥٥٩ - وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: مَرّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "السّلامُ عَلَيكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بالأَثَرِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (٤)، وَقَالَ: حَسَنٌ. [ضعيف]


= (١/ ٩٨) و"تهذيب التهذيب" (٤/ ١٥٣) و"شذرات الذهب" (١/ ١٣١).
(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (١٠٣/ ٩٧٤).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (١٥٤٦)، والنسائي (٤/ ٩٣ - ٩٤)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (١٥٥٦) وأحمد في "المسند" (٦/ ٧١، ٧٦، ١١١، ١٨٠، ٢٢١).
(٢) في (ب): "شرعية".
(٣) سورة الكهف: الآيتان ٢٣، ٢٤.
(٤) في "السنن" (٣/ ٣٦٩ رقم ١٠٥٣)، وقال: حديث حسن غريبٌ. =