للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعنِ ابن عباسٍ - رضي الله عنه - قالَ: مرَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بقبورِ المدينةِ، فأقبلَ عليهمْ بوجهه فقالَ: السلامُ عليكمْ يا أهلَ القبورِ، يغفرُ اللهُ لنا ولكمْ، أنتمْ سلفنا ونحنُ بالأثرِ. رواة الترمذيُّ وقالَ: حسنٌ)، فيهِ أنهُ يسلِّمُ عليهمْ إذا مر بالمقبرة، وإن لم يقصد الزيارة لهم، وفيه أنهم يعلمون بالمارِّ بهم وسلامه عليهم، وإلَّا كانَ إضاعة، وظاهرهُ في جمعةٍ وغيرِها.

وفي الحديثينِ الأُوَلِ وهذا دليلٌ [على] (١) أن الإنسانَ إذا دعا لأحدٍ، أو استغفَر له يبدأُ بالدعاءِ لنفسهِ والاستغفارِ لها، وعليهِ وردتِ الأدعيةُ القرآنيةُ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} (٢)، {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٣) وغيرُ ذلكَ.

وفيهِ أن هذهِ الأدعيةَ ونحوَها نافعةٌ للميتِ بلا خلافٍ، وأما غيرُها منْ قراءةِ القرآنِ لهُ فالشافعيُّ يقولُ: لا يصلُ ذلكَ إليهِ. وذهبَ أحمدُ وجماعةٌ منَ العلماءِ إلى وصولِ ذلكَ إليهِ. وذهبَ جماعةٌ منْ أهلِ السنةِ والحنفيةُ إلى أن للإنسانِ أنْ يجعلَ ثوابَ عملهِ لغيرِه صلاةً كان، أو صومًا، أو حجًّا، أو صدقة، أو قراءةَ قرآنٍ، أو ذكرًا، أو أيَّ أنواعِ القُرَبِ. وهذا هوَ القولُ الأرجحُ دليلًا (٤)، وقدْ


= وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، قال النسائي في "الضعفاء والمتروكين" رقم (٥١٩): ليس بالقوي. وقال أبو حاتم في "الجرح والتعديل" (٧/ ١٤٥): لا يحتج به.
وقال ابن حبان: رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المرسل وأسند الموقوف - "الميزان" (٣/ ٣٦٧ رقم ٦٧٨٨).
قلت: وهذا من روايته عن أبيه فلا يحتج به.
والخلاصة: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
(١) زيادة من (أ).
(٢) سورة الحشر: الآية ١٠.
(٣) سورة محمد: الآية ١٩.
(٤) قال علي بن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (٢/ ٦٦٤ - ٦٧١): "اتفق أهل السنة أن الأموات ينتفعون من سعي الأحياء بأمرين:
أحدهما: ما تسبَّب إليه الميتُ في حياته.
والثاني: دعاءُ المسلمين واستغفارُهُم له، والصدقة والحج، على نزاعٍ فيما يصل من ثواب الحج، فعن محمد بن الحسن - رحمه الله -: أنه إنما يَصِلُ إلى الميت ثوابُ النفقة، والحجُّ للحاجِّ، وعند عامة العلماء: ثوابُ الحج للمحجوج عنه، وهو الصحيح.
واختُلِفَ في العبادات البدنية، كالصوم، والصلاةِ، وقراءةِ القرآن، والذكر، فذهب أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور السلف إلى وصولها، والمشهور من مذهب الشافعي، ومالك عدمُ وصولها. =