للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَرَوَى الترمذيُّ عن المغيرةِ نحوَه) أي: نحوَ حديثِ عائشةَ في النَّهيِ عنْ سبِّ الأمواتِ (لكنْ قالَ) عوضَ قولهِ: "فإنَّهم قدْ أفضُوا إلى ما قدَّموا"، (فتؤذُوا الأحياءَ) قالَ ابنُ رشدٍ (١): إنَّ سبَّ الكافرِ [يحرمُ] (٢) إذا تأذَّى به الحيُّ المسلمُ، ويحلُّ إذا لمْ تحصلْ بهِ الأذِيةُ.

وأما المسلمُ فيحرمُ إلَّا إذا دعتْ إليهِ الضرورةُ، كأنْ تكونَ فيهِ مصلحةٌ للميتِ إذا أريدَ تخليصُه منْ مظلمةٍ وقعتْ منهُ فإنهُ يحسنُ، بلْ يجبُ إذا اقتضَى ذلكَ سبَّهُ، وهوَ نظيرُ ما استُثْنِيَ منْ جوازِ الغيبةِ لجماعة منَ الأحياءِ لأمورٍ.

تنبيهٌ: من الأذيةِ للميتِ القعودُ على قبرهِ لِمَا أخرجَهُ أحمدُ (٣).

قال الحافظُ ابنُ حجرٍ بإسنادٍ صحيحٍ منْ حديثِ عمرٍو بن حزمٍ الأنصاريِّ: قالَ: رآني رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا متَّكئٌ على قبرٍ فقالَ: "لا تؤذِ صاحبَ القبرِ"، وأخرجَ مسلمٌ (٤) مِنْ حديثِ أبي هريرةَ أنهُ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأَنْ يجلِسَ أحدُكم على جمرةٍ، فتحرقَ ثيابَهُ، فتخلُصَ إلى جلدهِ، خيرٌ لهُ من الجلوسِ عليهِ"، وأخرجَ مسلمٌ (٥) عنْ أبي مرثدٍ مرفوعًا: "لا تجلسُوا على القبورِ، ولا تصلُّوا إليها". والنهيُ ظاهر في التحريمِ.

وقالَ المصنفُ في فتحِ الباري (٦) نقلًا عن النوويّ: إنَّ الجمهورَ يقولونَ


= مثل رواية الحفري، وروى بعضُهم عن سفيان عن زياد بن علاقة، قال: سمعتُ رجلًا يحدثُ عند المغيرةِ بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه".
قلت: وأخرجه أحمد (٤/ ٢٥٢)، والطبراني في "الكبير" (٢٠ رقم ١٠١٣)، وابن حبان في "الإحسان" (٧/ ٢٩٢ رقم ٣٠٢٢).
وهو حديث صحيح. وقد صحَّحه الألباني في صحيح الترمذي.
(١) في (أ) و (ب) ابن رشيد، والصواب ما أثبتناه.
(٢) في (أ): "محرم".
(٣) أورده صاحب "كنز العمال" (١٥/ ٧٦٠ رقم ٤٢٩٩٠) عن عمرو بن حزم، وعزاه لابن عساكر. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٥١٥) عنه أيضًا.
(٤) في "صحيحه" (٩٦/ ٩٧١).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣٢٢٨)، والنسائي (٤/ ٩٥ رقم ٢٠٤٤)، وابن ماجه (١٥٦٦).
(٥) في "صحيحه" (٩٧٢).
(٦) (٣/ ٢٢٤).