للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلا واجبَ عليهِ، فهوَ استثناءٌ منقطعٌ ذُكِرَ لدفعِ توهُّمٍ نشأَ منْ قوله: فليسَ فيها صدقةٌ، أن المنفيَ مطلقُ الصدقةِ لاحتمالِ اللفظِ لهُ وإن كانَ غيرَ مقصودٍ.

فهذهِ صدقةُ الإبلِ الواجبةِ فصِّلتْ في هذا الحديثِ الجليلِ. وظاهرُهُ وجوبُ أعيانِ ما ذكرَ إلَّا أنهُ سيأتي قريبًا أن مَنْ لمْ يجدِ العينَ الواجبةَ أجزأهُ غيرُها. وأما زكاةُ الغنمِ فقدْ بيَّنَها قولُه: (وفي صدقةِ الغنمِ في سائمتِها) بدلٌ منْ صدقةِ الغنمِ بإعادةِ العاملِ، وهوَ خبرٌ مقدَّمٌ، والسائمةُ منَ الغنمِ الراعيةُ غيرُ المعلوفةِ.

واعلمْ أنهُ أفادَ مفهومُ السَّومِ أنهُ شرطٌ في وجوبِ زكاةِ الغنمِ، وقالَ بهِ الجمهورُ، وقالَ مالكٌ (١) وربيعةُ: لا يشترطُ.

وقالَ داودُ (٢): يُشْتَرطُ في الغنمِ لهذا الحديثِ، قلْنا: وفي الإبلِ ما أخرجهُ أبو داودَ (٣)، والنسائيُّ (٤) منْ حديثِ بَهْزِ بن حكيمٍ بلفظِ: "في كلِّ سائمةٍ إبلٌ" وسيأتي (٥).

نعمْ البقرُ لم يأتِ فيها ذكرُ السَّومِ وإنما قاسُوها على الإبل والغنمِ، (إذا كانتْ أربعينَ إلى عشرينَ ومائةٍ شاةٍ) بالجرِّ تمييزُ مائةِ، والشاةُ تعمُّ الذكرَ والأنثَى والضأنَ والمعزَ، (شاةٌ) مبتدأٌ خبرُه ما تقدَّمَ منْ قولِه في صدقةِ الغنمِ، فإنَّ في الأربعينَ شاةً إلى عشرينَ ومائةِ، (فإذا زادتْ على عشرينَ ومائةٍ إلى مائتينِ ففيهَا شاتانِ، فإذا زادتْ على مائتين إلى ثلثمائةِ ففيها ثلاثُ شياهٍ، فإذَا زادتْ على ثلثمائةِ ففي كلِّ مائةٍ شاةٌ)، ظاهرُه [أنَّها] (٦) لا تجبُ الشاةُ الرابعةُ حتَّى تفيَ أربعمائةٍ وهوَ قولُ الجمهورِ (٧)، وفي روايةِ عنْ أحمد (٨)، وبعضِ الكوفيينَ إذا زادتْ على ثلثمائةٍ واحدةٌ وجبتِ الأربعُ، (فإذا كانتْ سائمةُ الرجلِ ناقصة عنْ أربعينَ شاةٍ شاةً [واحدة] (٩) فليسَ فيها صدقةٌ) واجبةٌ (إلا أنْ يشاءَ ربُّها) إخراجُ صدقةٍ نفلًا كما سلفَ، (ولا يُجْمَعُ) بالبناءِ للمفعولِ (بينَ متفرِّقٍ ولا يفرَّقُ)، مثلُه مشدَّدُ الراءِ (بينَ


(١) انظر: "قوانين الأحكام الشرعية" (ص ١٢٥).
(٢) انظر: "المحلَّى" (٦/ ٤٥).
(٣) في "السنن" (١٥٧٥).
(٤) في "السنن" (٥/ ١٥ - ١٧ رقم ٢٤٤٤)، وهو حديث حسن.
(٥) رقم (٦/ ٥٦٧) من كتابنا هذا.
(٦) في (أ): "أنه".
(٧) انظر: "بداية المجتهد" (٢/ ٩٥) بتحقيقنا.
(٨) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٤٦٣).
(٩) زيادة من (ب).