للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زكاةٌ حتَّى يحولَ عليهِ الحولُ"، ولهُ [طريقٌ] (١) أُخْرى [عنهما] (٢).

والحديثُ دليل على أن نصابَ الفضةِ مائتا درهمٍ، وهوَ إجماعٌ (٣)، وإنَّما الخلافُ في قدر الدرهمِ (٤)؛ فإنَّ فيهِ خلافًا كثيرًا سَرَدَهُ في الشرحِ، ولم يأتِ بما يشفي وتسكنُ إليهِ النفسُ في قدْرِه. وفي شرحِ الدّميْرِي أن كلَّ درهمٍ ستةُ دوانيقَ، وكلَّ عشرةِ دراهمَ سبعةُ مثاقيلَ، والمثقالُ لم يتغيرْ في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، قالَ: وأجمعَ المسلمون على هذَا، وقرَّرَ في المنارِ (٥) بعدَ بحثٍ طويلٍ أن نصابَ الفضةِ منَ القروشِ الموجودةِ على رأي الهادويةِ ثلاثةَ عشرَ قرشًا، وعلى رأي الشافعيةِ أربعةَ عشرَ، وعلى رأي الحنفيةِ عشرونَ، وتزيدُ قليلًا، وأنَّ نصابَ الذهبِ عندَ الهادويةِ خمسةَ عشرَ أحمرَ، وعشرونَ عندَ الحنفيةِ، ثمَّ قالَ: وهذا تقريبٌ. وفيهِ أن قدْرَ زكاةِ المائتي الدرهمِ ربعُ العشرِ وهوَ إجماعٌ.

وقولُه: "فما زادَ فبحسابِ ذلكَ"، قدْ عرفتَ أن في رفعهِ خلافًا وعلى ثبوتهِ، فيدلُّ على أنهُ يجبُ في الزائدِ.

وقالَ بذلكَ جماعةٌ منَ العلماءِ، ورُويَ عنْ عليٍّ (٦)، وعنِ ابن عمرَ (٧) أنَّهما قالا: ما زادَ على النصابِ منَ الذهبِ والفضةِ ففيهِ - أي: الزائدِ - ربعُ العشرِ في قليلهِ وكثيرهِ، وأنهُ لا وقْصَ فيهما، ولعلَّهم يحملونَ حديثَ جابرٍ الآتي (٨) بلفظِ: "وليسَ فيما دونَ خمسِ أواقي صدقةٌ"، علَى مَا إذا انفردتْ عنْ نصابٍ منْهما لا إذا كانتْ مضافةً إلى نصابٍ منْهما. وهذَا الخلافُ في الذهبِ والفضةِ، وأما


= قال ابن حبان في كتاب الضعفاء: كان ممَّن كثر وهمه وفحش خطؤه، تركه أحمد ويحيى. ومن طريق حارثة أخرجه ابن ماجه (١٧٩٢) بسند ضعيف.
(١) في (أ): "طرق".
(٢) أخرج الدارقطني في "السنن" (٢/ ٩٠ رقم ٢) و (٢/ ٩٢ رقم ٨ - ٩) عن ابن عمر.
وأخرج الدارقطني في "السنن" أيضًا (٢/ ٩١ رقم ٤) و (٢/ ٩٢ رقم ٧) عن عائشة.
(٣) ذكره ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص ٤٨ رقم ٩٧).
(٤) انظر كتابنا "الإيضاحات العصرية للمقاييس والمكاييل والأوزان الشرعية"، مبحث "الدرهم"، ومبحث "الدينار".
(٥) (١/ ٢٩٣).
(٦) انظر: موسوعة فقه علي ص ٢٩٧، والمحلَّى (٦/ ٦٩).
(٧) انظر: موسوعة فقه ابن عمر ص ٣٩٢.
(٨) برقم (١٣/ ٥٧٤) من كتابنا هذا.