للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحبوبُ فقالَ النوويُّ في شرح مسلمٍ (١): أنَّهم أجمعُوا فيما زادَ على خمسةِ أوسُقٍ أنَّها تجبُ زكاتُه بحسابهِ، وأنهُ لا أوقاصَ فيها. انتهى.

وحملُوا ما يأتي منْ حديثِ أبي سعيدٍ (٢) بلفظِ: "وليسَ فيما دونَ خمسةِ أوساقٍ منْ تمرٍ ولا حبٍّ صدقةٌ"، على ما لمْ ينضمَّ إلى خمسةِ أوسقٍ، وهذا يقوي مذهبَ عليٍّ وابنِ عمرَ - رضي الله عنهما - الذي قدَّمناهُ في النقدينِ. وقولُه: "وليسَ عليكَ شيءٌ حتَّى يكونُ لكَ عشرونَ دينارًا"، فيهِ حكمُ نصابِ الذهبِ، وقدرُ زكاتهِ، وأنهُ عشرونَ دينارًا، وفيها نصفُ دينارٍ، وهوَ أيضًا ربعُ عُشْرها، وهوَ عامٌّ لكلِّ فضةٍ وذهبٍ مضروبَيْنِ أو غيرِ مضروبينِ. وفي حديثِ أبي سعيدٍ مرفوعًا أخرجهُ الدارقطنيٌّ (٣) وفيهِ: "ولا يحلُّ في الورقِ زكاةٌ حتَّى [تبلغ] (٤) خمس أواقٍ"، وأخرجَ أيضًا (٥) منْ حديثِ جابرٍ مرفوعًا: "ليسَ فيما دونَ خمسِ أواقٍ منَ الورِقِ صدقةٌ".

وأمَّا الذهبُ ففيهِ هذا الحديثُ. ونقلَ المصنفُ عن الشافعي أنهُ قالَ: فرضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الورِق صدقةً، فأخذَ المسلمونَ بعدَهُ في الذهبِ صدقةً إما بخبر لم يبلغْنا، وإما قياسًا.

وقال ابنُ عبد البرِّ: لم يثبتْ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذهب شيءٌ منْ جهةِ نقلِ الآحادِ الثقاتِ، وذكرَ هذا الحديثَ الذي أخرجهُ أبو داودَ وأخرجهُ الدارقطنيُّ.

قلتُ: لكنَّ قولَه تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٦) الآيةَ، منبهٌ على أن في الذهب حقًّا لله.

وأخرج البخاريُّ (٧) وأبو داودَ (٨)، وابنُ المنذر، وابنُ أبي حاتمٍ، وابنُ


(١) (٧/ ٤٩).
(٢) برقم (١٤/ ٥٧٥) من كتابنا هذا.
(٣) في "السنن" (٢/ ٩٢ رقم ٤)، وسيأتي تخريجه بأنه متفق عليه.
(٤) في (ب): "يبلغ" وما أثبتناه من (أ) موافق لما عند الدارقطني.
(٥) في "السنن" (٢/ ٩٣ رقم ٦).
(٦) سورة التوبة: الآية ٣٤.
(٧) في صحيحه (١٤٠٣) وأطرافه (رقم ٤٥٦٥ و ٤٦٥٩ و ٦٩٥٧).
(٨) في "السنن" (١٦٥٨).
قلت: وأخرجه مسلم (٩٨٧).