للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ربي ويُسقيني. فلما أَبَوْا أنْ ينتَهوا عن الوصالِ واصل بهمْ يومًا، ثمَّ يومًا، ثمَّ رأَوا الهلالَ فقالَ: لو تأخَّرَ الهلالُ لزدْتكم، كالمنكِّل لهم حينَ أَبَوْا أنْ ينتَهُوا. متفقٌ عليهِ).

الحديثُ عندَ الشيخينِ منْ حديثِ أبي هريرةَ (١)، وابنِ عمرَ (٢)، وعائشة (٣)، وأنسٍ (٤)، وتفرَّدَ مسلمٌ (٥) بإخراجه عنْ أبي سعيدٍ، وهوَ دليلٌ على تحريمِ الوصالِ لأنهُ الأصلُ في النهي. وقدْ أُبيحَ الوصالُ إلى السُّحور لحديثِ أبي سعيدٍ (٦): فأيُّكمْ أرادَ أنْ يواصلَ فليواصلْ إلى السَّحَرِ"، وفي حديثِ أبي سعيدٍ هَذَا دليلٌ على أن إمساكَ بعضِ الليلِ مواصلةٌ. وهوَ يردُّ على مَنْ قالَ: إنَّ الليلَ ليسَ محلًّا للصومِ فلا [تنعقد] (٧) بنيَّتهِ. وفي الحديث دلالةٌ على أن الوصالَ منْ خصائِصهِ - صلى الله عليه وسلم -. وقدِ اختُلِفَ في حقِّ غيرهِ فقيلَ التحريمُ مطلقًا، وقيلَ: محرَّمٌ في حقِّ مَنْ يَشُقُّ عليهِ، ويباحُ لمنْ لا يشقُّ عليهِ. الأولُ رأيُ الأكثرِ للنهي وأصلُه التحريمُ. واستدلَّ مَنْ قالَ: إنهُ لا يحرمُ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - واصلَ بهمْ، ولو كانَ النهيُ للتحريمِ لما أقرَّهم عليه، فهوَ قرينةٌ أنهُ للكراهةِ رحمة لهمْ وتخفيفًا عنْهم، ولأنهُ قد أخْرجَ أبو داودَ (٨) عنْ رجلٍ مِنَ الصحابةِ: "نَهَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الحجامةِ والمواصلةِ، [ولم يحرِّمْهُما إبقاءً على أصحابهِ] (٩) "، إسنادُه صحيحٌ. وإبقاءٌ متعلقٌ بقولهِ: نَهَى. ورَوَى البزار (١٠)، والطبرانيّ (١١) في الأوسط منْ حديثِ سمُرة:


(١) تقدَّم تخريجه آنفًا في حديث الباب.
(٢) البخاري (١٩٢٢)، ومسلم (١١٠٢).
قلت: وأخرجه مالك في الموطأ (١/ ٣٠٠)، وأبو داود (٢٣٦٠)، وأحمد في "المسند" (٤٧٢١ - شاكر).
(٣) البخاري (١٩٦٤)، ومسلم (١١٠٥).
(٤) البخاري (١٩٦١)، ومسلم (١١٠٤).
قلت: وأخرجه الترمذي (٧٧٨).
(٥) لم يخرجه مسلم، بل أخرجه البخاري (١٩٦٣)، وأبو داود (٢٣٦١).
(٦) تقدَّم تخريجه في "شرح الحديث" رقم (٩/ ٦١٨) من كتابنا هذا، وهو متفق عليه.
(٧) في (ب): "ينعقد".
(٨) في "السنن" (٢٣٧٤)، وهو حديث صحيح.
(٩) في النسخة (أ): "إبقاءً ولم يحرمها على أصحابه"، والتصويب من السنن.
(١٠) "كشف الأستار" (١/ ٤٨٢ رقم ١٠٢٤).
(١١) في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٥٨)، وضعَّف إسناده الهيثمي.