للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أولِ ليلةِ جمعةٍ منْ رجبٍ، ولو ثبتَ حديثُها لكانَ مخصصًا لها منْ عمومِ النَّهْي، لكنَّ حديثَها تكلَّمَ العلماءُ فيهِ، وحكَموا بأنهُ موضوعٌ. ودلَّ علَى تحريمِ النفلِ بصومِ يومِها منفرِدًا. قالَ ابنُ المنذرِ: ثبتَ النَّهْيُ عنْ صومِ يوم الجمعةِ كما ثبتَ عنْ صوم يوم العيد، وقالَ أبو جعفرٍ الطبريِّ: يفرَّقُ بينَ العيدِ والجمعةِ بأنَّ الإجماعَ منعقدٌ علَى تحريمِ صومِ يوم العيدِ ولوْ صامَ قبلَه أو بعدَه. وذهبَ الجمهورُ (١) إلى أن النَّهْيَ عن إفرادِ الجمعةِ بالصومِ للتنزيهِ مُستدِلينَ بحديثِ ابن مسعودٍ: "كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصومُ منْ كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، وقلَّما كانَ يفطرُ يومَ الجمعةِ"، أخرجهُ الترمذيُّ (٢) وحسَّنهُ؛ فكان فعلُه - صلى الله عليه وسلم - قرينةً على أن النَّهيَ ليسَ


= أنزلناه في ليلة القدر ثلاثًا، وقل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة. فإذا فرغ من صلاته صلَّى علي سبعين مرة. ثم يقول: اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آله. ثم يسجد فيقول في سجوده: سُبُّوح قدُّوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه، فيقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأعظم، سبعين مرة. ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله حاجته، فإنها تقضى - إلخ.
هو: موضوع، ورجاله مجهولون.
وهذه هي صلاة الرغائب المشهورة.
وقد اتفق الحفاظ على أنها موضوعة، وألَّفوا فيها مؤلفات، وغلَّطوا الخطيب في كلامه فيها. وأول من ردَّ عليه من المعاصرين له: ابن عبد السلام وليس كون هذه الصلاة موضوعة مما يخفى على مثل الخطيب، والله أعلم ما حمله على ذلك، وإنما أطال الحفاظ المقال في هذه الصلاة المكذوبة بسبب كلام الخطيب، وهي أقل من أن يشتغل بها ويتكلم عليها، فوضعها لا يمتري فيه من له أدنى إلمام بفن الحديث.
قال الفيروزآبادي في "المختصر": إنها موضوعة بالاتفاق، وكذا قال المقدسي. ومما أوجب طول الكلام عليها، وقوعها في كتاب رزين بن معاوية العبدري، ولقد أدخل في كتابه الذي جمع فيه بين دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تعرف. ولا يُدرى من أين جاء بها وذلك خيانة للمسلمين.
وقد أخطأ ابن الأثير خطأ بيِّنًا بذكر ما زاده رزين في "جامع الأصول"، ولم ينبِّه على عدم صحته في نفسه إلا نادرًا. كقوله بعد ذكر هذه الصلاة ما لفظه: "هذا الحديث مما وجدته في كتاب رزين، ولم أجده في واحد من الكتب الستة والحديث مطعون فيه".
(١) انظر: "المجموع" (٦/ ٤٣٨ - ٤٣٩).
(٢) في "السنن" (٧٤٢) وقال: حديث حسن غريب.
قلت: والصحيح وقفه على ابن مسعود، والله أعلم.