للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجحفة" يشملُ مَنْ مرَّ منْ أهلِ الشامِ بذي الحليفةِ ومَنْ لم يمرَّ. وقولُه: "ولمنْ أتَى عليهنَّ منْ غيرِ أهلهِنَّ" يشملُ الشاميِّ إذا مرَّ بذي الحليفةِ وغيرَه، فههُنا عمومانِ قدْ تعارضَا، انتهَى ملخصًا. قال المصنفُ: ويحصلُ الانفكاكُ بأنَّ قولَه هنَّ لهنَّ مفسرٌ لقولِه مثلًا: وقَّتَ لأهلِ المدينةِ ذا الحليفةِ، وأنَّ المرادَ بأهلِ المدينةِ ساكنُوها ومَنْ سلكَ طريقَ مِيقاتِهِمْ فمرَّ على ميقاتِهم، انتهَى.

قلتُ: وإنْ صحَّ ما رُوِيَ منْ حديثِ عروةَ: "أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وقَّتَ لأهلِ المدينةِ ومَنْ مَرَّ بهمْ ذا الحليفةَ" تبيَّن أن الجحفة إنما هي ميقات للشامي إذا لم يأت المدينة، ولأن هذه المواقيت محيطة بالبيت كإحاطةِ جوانبِ الحرمِ فكلُّ مَنْ مرَّ بجانب منْ جوانب الحرم لزمَه تعظيمُ حرمتِه وإن كانَ بعضُ جوانِبه أبعدَ من بعضٍ، ودلَّ قولُه: "ومنْ كانَ دونَ ذلكَ فمِنْ حيثُ أنشأ" على أن مَنْ كانَ بينَ الميقاتِ ومكةَ فميقاتُه حيثُ أنشأ الإحرامَ إما منْ أهلِه ووطنِه أو منْ غيرِه. وقولُه: "حتَّى أهلُ مكةَ منْ مكةَ" دلَّ على أن أهلَ مكة يحرمونَ من مكةَ وأنها ميقاتُهم سواءٌ كانَ من أهلِها أو منَ المجاورينَ [أو] (١) الواردينَ إليها أحرمَ بحجٍّ أو عمرةٍ، وفي قولِه: "ممن أراد الحجَّ أو العمرةَ" ما يدلُّ أنهُ لا يلزمُ الإحرام إلا مَنْ أراد دخولَ مكةَ لأحد النُّسكين، [فمن] (٢) لم يردْ ذلكَ جازَ له دخولُها منْ غيرِ إحرامٍ، وقدْ دخلَ ابنُ عمر [بغيرِ] (٣) إحرامٍ، ولأنهُ قد ثبتَ بالاتفاقِ أن الحجَّ والعمرةَ عندَ مَنْ أوجَبَها إنمَّا تجب مرةً واحدةً، فلو أوجَبْنا على كلٍّ مَنْ دخَلَها أنْ يحجَّ أو يعتمرَ [لوجبَتْ] (٤) أكثرَ منْ مرةٍ، ومَنْ قَالَ: إنهُ لا يجوزُ مجاوزةَ الميقاتِ إلا بالإحرامِ إلَّا لمن استُثني منْ أهلِ الحاجاتِ كالحاطبينَ فإنَّ لهُ في ذلكَ آثارًا عن السلفِ، ولا تقومُ بها حجةٌ، فمنْ دخلَ مريدًا مكةَ لا ينوي نُسُكًا منْ حجٍّ ولا عمرةٍ وجاوزَ ميقاته [بغير] (٣) إحرامٍ، فإنْ بدَا له إرادةُ أحدِ النُّسُكَيْنِ أحرمَ منْ حيثُ أرادَ، ولا [يلزم] (٥) أنْ يعودَ إلى ميقاتِه. واعلمْ أن قولَه: (حتَّى أهلُ مكةَ منْ مكةَ) يدلُّ أن ميقاتَ عمرةِ أهلِ مكة مكة كحجِّهم، وكذلك القارنُ منْهم ميقاتُه مكةُ، ولكنْ قالَ


(١) في النسخة (أ): "و".
(٢) في النسخة (ب): "فلو".
(٣) في النسخة (أ): "من غير".
(٤) في النسخة (أ): "لوجب".
(٥) في النسخة (ب): "ولا يلزمه".