للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المحبُّ الطبريُّ: إنهُ لا يعلمُ أحدًا جعلَ مكةَ ميقاتًا للعمرةِ. وجوابُه أنهُ - صلى الله عليه وسلم - جعلَها ميقاتًا لها بهذَا الحديثِ، وأما ما رُويَ عن ابن عباسٍ أنهُ قالَ: "يا أهلَ مكةَ مَنْ أرادَ منكمُ العمرةَ فليجعلْ بينَه وبينها بطنَ مُحَسِّرٍ" (١)، وقالَ أيضًا: "مَنْ أرادَ مِنْ أهلِ مكةَ أنْ يعتمرَ خرجَ إلى التنعيمِ ويجاوزُ الحرمَ" (٢) فآثارٌ موقوفةٌ لا تقاومُ المرفوعَ، وأمَّا ما ثبتَ منْ أمرِه - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ بالخروجِ إلى التنعيمِ (٣) لتحرمَ بعمرةٍ فلمْ يردْ إلا تطييب قلبها بدخولِها إلى مكةَ معتمرةً كصواحباتها، لأنَّها أحرمتْ بالعمرةِ معهُ ثمَّ حاضتْ، فدخلتْ مكة، ولم تطفْ بالبيتِ كما طُفْنَ كما يدلُّ لهُ قولُها قلتُ: يا رسولَ اللهِ، يصدرُ الناسُ بِنُسُكَيْنِ، وأصدرُ بنسكٍ واحدٍ قال: انتظري فاخرجي إلى التنعيمِ فأهلِّي منهُ - الحديثَ.

فإنهُ محتملٌ أنَّها إنَّما أرادتْ أن تشابهَ الداخلينَ منَ الحلِّ إلى مكة بالعمرةِ، ولا يدلُّ أنَّها لا تصحُّ العمرةُ إلَّا مِنَ الحلِّ لمنْ صارَ في مكةَ ومعَ الاحتمالِ لا يقاومُ حديثَ الكتابِ. وقدْ قالَ طاوسُ: لا أدري الذينَ يعتمرونَ منَ التنعيمِ يؤجرونَ أو يُعذَّبونَ، قيلَ لهُ: فلِمَ يعذبونَ؟ قالَ: لأنهُ يدعُ البيتَ والطوافَ، ويخرجُ إلى أربعةِ أميالٍ ويجيءُ أربعةَ أميالٍ قدْ طافَ مِائتيْ طوافِ وكلَّما طافَ كان أعظمَ أجرًا منْ أنْ يمشي في غيرِ [مَمْشَى] (٤)، إلَّا أن كلامهُ في تفضيلِ الطوافِ على العُمرةِ، قال أحمدُ (٥): العُمرة بمكَّة مِنَ النّاسِ من يَخْتَارُهَا عَلَى الطوافِ ومنْهم منْ يختارُ المقامَ بمكةَ والطوافَ، وعندَ أصحابِ أحمدَ أن المكيَّ إذا أحرمَ للعمرةِ منْ مكةَ كانتْ عمرةً صحيحةً. قالُوا: ويلزمهُ دمٌ لما تركَ من الإحرامِ مِنَ الميقاتِ.

قلتُ: ويأتيكَ أن إلزامَهُ الدمَ لا دليلَ عليه.

٢/ ٦٧٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (٦) وَالنّسَائِيُّ (٧). [صحيح]


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤/ ٨٧) نحوه.
(٢) فلينظر من أخرجه؟!
(٣) أخرجه البخاري (١٧٨٤)، ومسلم (١٢١١).
(٤) في النسخة (أ): "شيء".
(٥) انظر: "المغني مع الشرح الكبير" (٣/ ٢١٦).
(٦) في "السنن" (١٧٣٩).
(٧) في "السنن" (٥/ ١٢٥). =