للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحليفةِ ركعتينِ أهلَّ بالحجِّ حينَ فرغَ منْهما"، فسمعَ قومٌ فحفظُوه، فلما استقرتْ بهِ راحلتُه أهلَّ وأَدْركَ ذلكَ منهُ قومٌ لم يشهدُوا في المرةِ الأُولى فسمعُوه حينَ ذاكَ فقالُوا: إنَّما أهلَّ حينَ استقلَّتْ بهِ راحلتُه، ثمَّ مضَى فلما عَلَا شرفَ البيداءَ أهلَّ وأدركَ ذلكَ قومٌ لم يشهدُوه فَنَقَلَ كما سمعَ الحديثَ. ودلَّ الحديثُ على أن الأفضلَ أنْ يحرمَ منَ الميقاتِ لا قبلَهُ، فإنْ أحرمَ قبلَه فقالَ ابنُ المنذرِ (١): أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ مَنْ أحرمَ قبلَ الميقاتِ أنهُ محرمٌ. وهلْ يكرهُ؟ فقيلَ: نعمْ لأنَّ قولَ الصحابةِ وقَّتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأهلِ المدينةِ ذا الحليفةِ يقضِي بالإهلالِ منْ هذِه المواقيتِ، ويقضي بنفي النقصِ والزيادةِ، فإنْ لم تكنِ الزيادةُ محرَّمةً فلا أقلَّ منْ أنْ يكونَ تركُها أفضلَ، ولولا ما قيلَ منَ الإجماعِ بجوازِ ذلكَ لقلْنا بتحريمِه لأدلةِ التوقيتِ، ولأنَّ الزيادةَ على المقدراتِ منَ المشروعاتِ كأعدادِ الصلاةِ، ورمي الجمارِ، لا تشرعُ كالنقصِ منْها وإنَّما لم يجزمْ بتحريمِ ذلكَ لما ذكرْنا منَ الإجماعِ، ولأنهُ رُوِيَ عن عدةٍ منَ الصحابةِ تقديمُ الإحرامِ على الميقاتِ، فأحرمَ ابنُ عمرَ منْ بيتِ المقدسِ (٢)، وأحرمَ أنسٌ منَ العقيقِ (٣)، وأحرمَ ابنُ عباسٍ من


= شرح الحديث (١٨٣١) من المسند. وضعَّفه المحدث الألباني في ضعيف أبي داود. وهو الأقرب للصواب، والله أعلم.
(١) في كتابه "الإجماع" (ص ٥٤ رقم ١٣٧).
قلت: قال الحافظ في "فتح الباري" (٣/ ٣٨٣): "وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز، وفيه نظر فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز وهو ظاهر جواب ابن عمر، ويؤيده القياس على الميقات الزماني، فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه، وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني فلم يجيزوا التقدم على الزماني وأجازوا في المكاني.
وذهب طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقدم، وقال مالك: يكره" اهـ.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٣٣١ رقم ٢٦) وفي الموطأ برواية محمد بن الحسن: ١٣٣، الأثر (٣٨٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٠)، وفي "المعرفة" (٧/ ١٠٣ رقم ٩٤٤٢).
• الثقة عنده. قيل: نافع.
(٣) أخرج الطبراني في "الكبير" (٣/ ٢١٦ - مجمع) عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقَّت لأهل المدائن العقيق. وقال الهيثمي: وفيه: أبو ظلال، هلال بن يزيد وثقه ابن حبان، وضعفه جمهور الأئمة، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: انظر ترجمة هلال هذا في "الضعفاء" للعقيلي (٤/ ٣٤٥ - ٣٤٦) و "الميزان" (٤/ ٣١٦).
• وذكر البيهقي في "المعرفة" (٧/ ٩٦ رقم ٩٤١٧) عن أنس بن مالك أنه كان يحرم من العقيق.