للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأولى اجتنابهُ. أما القليلُ الجاريِ فقيلَ: يكرهُ، وقيلَ: يحرُمُ وهو الأولى.

قلتُ: بلِ الأولى خلافُهُ؛ إذِ الحديثُ في النهي عن البولِ فيما لا يجري، فلا يشملُ الجاريَ قليلًا كان أم كثيرًا. (نعم) لو قيلَ بالكراهةِ لكانَ قريبًا. وإنْ كانَ كثيرًا راكدًا فقيلَ: يكرهُ مطلقًا، وقيلَ: [إنْ] (١) كانَ قاصدًا إلا إذا عرضَ وهوَ فيهِ فلا كراهَةَ. قالَ في الشرحِ: ولو قيلَ بالتحريمِ لكانَ أظهرَ وأوفَقَ لظاهرِ النهي؛ لأنَّ فيهِ إفسادًا لهُ على غيرِه، ومضارَّةً للمسلمين. وإنْ كانَ راكدًا قليلًا فالصحيَحُ التحريمُ للحديثِ، ثم هلْ يلحقُ غيرُ البولِ كالغائطِ بهِ في تحريم ذلك في هذا الماءِ القليلِ؟ فالجمهورُ يلحق بهِ بالأولى، [وعنْ] (٢) أحمدَ بن حنبلَ لا يلحَقُ بهِ غيْرُهُ بلْ يختصُّ الحكمُ بالبولِ.

وقولهُ: "في الماءِ" صريحٌ في النهي عن البولِ فيهِ، وأنهُ يجتنبُ إذا كانَ كذلكَ، فإذا بالَ فِي إناءٍ وصبهُ في الماءِ الدائمِ فالحكمُ واحدٌ. وعنْ داودَ لا ينجِّسُهُ ولا يكونُ منهيًا عنهُ إلا في الصورةِ الأولى لا غيرُ.

وحكمُ الوضوءِ في الماءِ الدائمِ الذي بالَ فيهِ منْ يريدُ الوضوءَ حكمُ الغُسْلِ؛ إِذ الحكمُ واحدٌ. وقد وردَ في روايةٍ: "لا يبولَنَّ أحدُكمْ في الماءِ الدائمِ ثُمَّ يتوضَّأُ منهُ"، ذكرَها في الشرحِ ولم ينسبْها إلى أحدٍ. وقد أخْرَجَها عبدُ الرزاق (٣)، وأحمد (٤)، وابن أبي شيبة (٥)، والترمذي (٦). وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وابْنُ حبان (٧) منْ حديثٍ أبي هريرة مرفوعًا، وأخرجَهُ الطحاوي (٨)، وابنُ حِبانَ (٩)، والبيهقيُّ (١٠) بزيادةِ: "أو يَشْرَبُ منه".


(١) في النسخة (ب): "إذا".
(٢) في النسخة (ب): "وعند".
(٣) في "المصنف" (١/ ٨٩ رقم ٣٠٠).
(٤) في "المسند" (٢/ ٢٦٥).
(٥) في "المصنف" (١/ ١٤١).
(٦) في "السنن" (١/ ١٠٠ رقم ٦٨)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح.
(٧) في "صحيحه" (٢/ ٢٧٤ رقم ١٢٤٨)، وهو حديث صحيح.
(٨) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤).
(٩) في "صحيحه" (٢/ ٢٧٦ رقم ١٢٥٣).
(١٠) في "السنن الكبرى" (١/ ٢٣٩).