للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو تُخَصُّ بالأولِ؟ قالَ النوويُّ (١) - رحمه الله -: إنها تَعُمُّهُما وخالفَه الطحاويُّ والمالكيةُ مستدلينَ بحديثِ: "أفضلُ صلاةِ المرءِ في بيتهِ إلَّا المكتوبةَ" (٢).

وقالَ المصنفُ (٣) - رحمه الله -: يمكنُ بقاءُ حديثٍ: "أفضلُ صلاةِ المرءِ" على عمومهِ فتكونُ النافلةُ في بيتهِ في مكةَ أو المدينةِ تضاعفُ على صلاتِها في البيتِ بغيرِهما وكذَا في المسجدِ، وإنْ كانتْ في البيوتِ أفضلَ مطلقًا.

قلتُ: ولا يخْفى أن الكلامَ في المضاعفةِ في المسجدِ لا في البُيُوتِ في المدينةِ ومكةَ، إذْ لم تردْ فيهمَا المضاعفةُ بلْ في مسجديْهِما. وقالَ الزركشيُّ [وغيرُه] (٤): إنَّها تُضَاعفُ النافلةُ في مسجدِ المدينةِ ومكةَ، وصلاتُها في البيوتِ أفضل.

قلتُ: يدلُّ لأفضليةِ النافلةِ في البيوتِ مطلقًا محافظتُه - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صلاةِ النافلةِ في بيتهِ، وما كانَ يخرجُ إلى مَسجدِه إلَّا لأداءِ الفرائضِ معَ قربِ بيتهِ منْ مسجدِه، ثمَّ هذا التضعيفُ لا يختصُّ بالصلاةِ، بلْ قالَ الغزاليُّ - رحمه الله -: كلُّ عملٍ في المدينةِ بألفٍ.

وأخرجَ البيهقيُّ (٥) عنْ جابرٍ مرفوعًا: "الصلاةُ في مسجدي هذَا أفضل منْ ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ إلَّا المسجدَ الحرام، والجمعةُ في مسجدي هذَا أفضلُ منْ ألفِ جُمُعةٍ فيما سواهُ إلَّا المسجدَ الحرامَ، وشهرُ رمضانَ في مسجدي هذَا أفضلُ منْ ألفِ شهرِ رمضانَ فيما سواهُ إلَّا المسجدَ الحرامَ"، وعن ابن عمرَ نحوه، وقريبٌ منهُ للطبراني في الكبيرِ عنْ بلالٍ بن الحارثِ.

* * *


(١) في "شرح صحيح مسلم" (٩/ ١٦٤).
(٢) وهو جزء من حديث أخرجه البخاري (٦٩٨ - البغا)، ومسلم (٧٨١) من حديث زيد بن ثابت.
(٣) في "فتح الباري" (٣/ ٦٨).
(٤) زيادة من النسخة (ب).
(٥) عزاه إليه الزبيدي في "إتحاف السادة المتَّقين" (٤/ ٤٨٢).