للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عِنْدَ ذَلِكَ: (قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِن اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ)، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وعنْ جابرِ بن عبدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - أنهُ سمعَ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ عامَ الفتحِ)، كانَ الفتحُ فِي رمضانَ سنةَ ثمانٍ منَ الهجرةِ، (وهوَ بمكةَ: إنَّ اللَّهَ ورسولَه حَرَّمَ)، وقع في روايةِ الصحيحين هكَذا بإفرادِ الضمير، وفي بعض الطرق: إنَّ الله حرَّم، وفي روايةٍ في غيرهما: إنَّ اللَّهَ ورسولَه حرَّما. وتقدَّمَ وجْهُ الكلامِ على جمْعِ الضميرينِ في بابِ الآنيةِ (٢)، (بيعَ الخمرِ والمَيتةِ) بفتحِ الميمِ ما زالتْ عنهُ الحياةُ لا بذكاةٍ شرعيةٍ، (والخنزيرِ والأصنامِ) قالَ الجوِهريُّ (٣): هوَ الوثنُ، وقالَ غيرهُ: الوثنُ ما لَهُ جثةٌ، والصنمُ ما كانَ مصوَّرًا (فقيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، أرأيتَ شحومَ الميتةِ؛ فإنَّها تُطْلَى بها السفنُ، وتُدْهَنُ بها الجلودُ، ويستصبحُ بها الناس، [فقال] (٤): لا، هوَ حرامٌ. ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عندَ ذلك: قاتلَ الله اليهودَ إنَّ اللَّهَ لما حرَّمَ عليهم شحومَها جَمَلُوه) بفتح الجيمِ والميمِ، أي: أذابوهُ، (ثمَّ باعُوه [فأكلوا] (٥) ثمنه. متفقٌ عليه).

في الحديثِ دليل على تحريمِ [بيع] (٦) ما ذكرَ قبلُ. والعلةُ في تحريم بيعِ الثلاثةِ الأُوَلِ هيَ النجاسةُ، ولكنَّ الأدلةَ على نجاسةِ الخمرِ غيرُ ناهضةٍ، وكذا نجاسةُ الميتةِ والخنزيرِ، فمنْ جعلَ العلةَ النجاسةَ عدَّى الحكمَ [إلى] (٧) تحريم بيعِ كلِّ نجسٍ. وقالَ جماعةٌ: يجوزُ بيعُ الأزبالِ النجسةِ، وقيلَ يجوزُ ذلكَ للمشتري دونَ البائعِ، لاحتياجِ المشتري دونَه، وهي علةٌ عليلةٌ، وهذا كلُّه عندَ مَنْ جعلَ العلةَ النجاسةَ. والأظهرُ أنهُ لا ينهضُ دليل على التعليلِ بذلكَ، بلِ العلةُ التحريم، ولذَا قالَ - صلى الله عليه وسلم -: لما حُرِّمتْ عليهمْ الشحومُ فجعلَ العلةَ نفسَ التحريم ولمْ يذكرْ علةً. هذَا ولا يدخلُ في الميتةِ شعرُها وصوفُها وَوَبَرُها، لأنَّها لا تحلُّها الحياةُ،


(١) البخاري (٢٢٣٦) وطرفاه: رقم (٤٢٩٦) ورقم (٤٦٣٢)، ومسلم (١٥٨١) قلت: وأخرجه أحمد (٣/ ٣٢٤، ٣٢٦)، وأبو داود (٣٤٨٦)، والترمذي (١٢٩٧) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٧/ ٣٠٩، ٣١٠)، وابن ماجه (٢١٦٧)، والبيهقي (٦/ ١٢)، وابن الجاردو في المنتقى رقم (٥٧٨).
(٢) في الجزء الأول باب الطهارة.
(٣) في الصحاح (٥/ ١٩٦٩).
(٤) في (ب): (قال).
(٥) في (أ): (وأكلوا).
(٦) زيادة من (أ).
(٧) في (ب): (على).