للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هوَ عَرَقُ فمهِ، ففمُهُ نجسٌ إذ العَرَقُ جزءٌ متحلِّبٌ مِنَ البدنِ، فكذلكَ بقيةُ بدنِهِ، إلا أن مَنْ قَالَ: إن الأمرَ بالغُسْلِ ليس لنجاسةِ الكلبِ، قالَ: يحتملُ أَنَّ النجاسةَ في فمِهِ ولُعابهِ؛ إذ هوَ محلُّ استعمالهِ للنجاسةِ بحسب الأغلبِ، وعَلَّقَ الحكمَ بالنظرِ إلى غالبِ أحوالهِ من أكلهِ النجاساتِ [بفمهِ] (١)، ومباشرتهِ لها، فلا يدلُّ على نجاسةِ عينهِ.

والقولُ بنجاسته قولُ الجماهيرِ. والخلافُ لمالكٍ وداودَ والزهريِّ، وأدلةُ الأولينَ ما سمعتَ، وأدلةُ غيرهِمْ، وهم القائلونَ بأنَّ الأمرَ بالغُسْلِ للتعبدِ لا للنجاسةِ، [لأنه] (٢) لو كانَ للنجاسةِ لاكتفى بما دونَ السبعِ إذْ نجاستُهُ لا تزيدُ على العَذِرَةِ، وأجيبَ عنهُ بأنَّ أصلَ الحكم، وهو الأمرُ بالغسل معقولُ المعنى، ممكنُ التعليلِ أي بأنهُ للنجاسةِ، والأصلُ في الأحكامِ التعليلُ فيحملُ على [الأعم] (٣) الأغلب، والتعبدُ إنما هو في العددِ فقط، كذا في الشرحِ وهو مأخوذٌ منْ "شرحِ العمدةِ". وقد حققنا في حواشيهِ خلافَ ما قرَّرهُ من أغلبيةِ تعليلِ الأحكامِ، وطوَّلنا هنالكَ الكلامَ.

(الحكم الثاني): أنَّهُ دلَّ الحديثُ على وجوبِ سبعٍ غَسَلاتٍ للإناءِ وهو واضحٌ، ومن قالَ: لا تجبُ السبعُ بل ولوغُ الكلب كغيرِه من النجاساتِ والتسبيعُ ندبٌ، اسْتَدَلَّ على ذلكَ بأنَّ راوي الحديثِ وهو أَبو هريرةَ قالَ: يُغْسَلُ من ولوغِهِ ثلاثَ مراتٍ كما أخرجهُ [عنه] (٤) الطحاوي (٥)، والدارقطني (٦)، وأجيب عن هذا


(١) زيادة من النسخة (أ).
(٢) في النسخة (ب): "بأنَّه".
(٣) زيادة من النسخة (أ).
(٤) زيادة من النسخة (أ).
(٥) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٣).
(٦) في "السنن" (١/ ٦٦ رقم ١٦): وقال: هذا موقوفٌ، ولم يروه هكذا غيرُ عبدِ الملكِ عن عطاءٍ، واللَّه أعلم.
وقال البيهقيُّ في "المعرفة" (٢/ ٥٩ - ٦١). وأما الذي يروى عن عبد الملك بن أبي سليمانَ عن عطاءِ، عن أبي هريرة موقوفًا عليه: "إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ فأهرقْهُ ثم اغْسِلْهُ ثلاثَ مراتٍ". فإنهُ لم يَروِهِ غيرُ عبدِ الملكِ، وعبدُ الملكِ لا يقبلُ منهُ ما يخالفُ فيهِ الثقاتِ، وقد رواهُ محمدُ بنُ فضيلٍ عن عبدِ الملكِ مضافًا إلى فعل أبي هريرة دون قولِهِ، وروينا عن حمادِ بن زيدٍ، ومعتمرِ بن سليمانَ عن أيُّوبَ، عن محمدِ بن سيرينِ، عن أبي هريرةَ من قولِهِ نحوًا من روايتهِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورويَ عن عليٍّ وابن عمر وابنِ =